ولهذا أمر رسولَه صلى الله عليه وسلم أن يقول للناس:{قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرَّاً وَلا نَفْعَاً}[يونس:٤٩]، وأمره أن يقول:{قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدَاً}[الجن:٢٢]، وهذا أفضل الخلق صلوات الله وسلامه عليه، يأمره ربه جلَّ وعلا أن يتبرأ إلى الله جلَّ وعلا بأنه لا يملك مما في يد الله شيئاً.
وقد وقع له ما وقع يوم أحد، حينما شُج وجهه صلوات الله وسلامه عليه، وكُسرت رباعيته، ودخلت حلقة المِغْفَر في وجنته صلوات الله وسلامه عليه، وصار الدم يسيل على وجهه، فيسلته ويقول:(كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم؟!) ثم صار يدعو على هؤلاء الذين فعلوا هذا الفعل الشنيع الفظيع دائماً في الصلاة، يقول:(اللهم العن فلاناً وفلاناً وفلاناً، وسادةُ الأولياء من صحابته خلفَه يؤمِّنون، ويقولون: آمين، مكث شهراً يفعل ذلك، فأنزل الله جلَّ وعلا عليه:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}[آل عمران:١٢٨]) ثم تاب الله جلَّ وعلا عليهم -على هؤلاء- فأسلموا.
فليس لأحد من الخلق مع الله تصرف، فالأمر كله بيد الله، والنفع بيد الله، فليس للأحياء شيء فضلاً عن الأموات، أما الميت فهو مرتَهَن بعمله، كما قال الله جلَّ وعلا:{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}[المدثر:٣٨](رهينة) يعني: محبوسة ومحتبَسة بعملها، وليست مطلقة متصرفة كما يقول هؤلاء الضُّلَّال، فإنه كذب على الله جلَّ وعلا وعلى دينه، وتدخل في ملكه وتصرفه وأمره.
وكذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:(إذا مات الإنسان انقطع عمله) ينقطع وينتهي، فإذا كان ينقطع عمله لنفسه، فكيف يستطيع أن يعمل لغيره؟! وكيف يستطيع أن يغيث غيره؟!