للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قصة مسجد الضرار والدلالة على تحريم الذبح في مكان المعصية]

قوله: ((وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ)) الذي كان يرصد له هو أبو عامر الفاسق فإنه خرج مغاضباً ومتوعداً يقول للرسول صلى الله عليه وسلم: والله لأملأنها عليك خيلاً، فذهب إلى هرقل وطلب منه أن يمده بالجيش ليقاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتله الله هناك، فمات بغيظه، والذين كانوا ينتظرونه في هذا المسجد أمرهم أن يبنوا هذا المسجد حتى يكون محلاً لهم، حتى إذا أرسل رسولاً يكون قاصداً لهذا المسجد، فيتلقون رسائله وأوامره من هذا المسجد، فهذا معنى قوله: {وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ}.

وأما كونهم يحلفون أنهم ما أرادوا به إلا الحسنى، فهذا شأن المنافقين يعتمدون على الحلف والكذب، ويسترون أعمالهم بالكذب، وقد أخبر الله جل وعلا أنهم إذا بعثوا يوم القيامة يصنعون هذا الصنيع لله جل وعلا: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [المجادلة:١٨] كأمرهم في الدنيا؛ وذلك أن الإنسان يبعث على الحالة التي مات عليها، من مات على حالة في هذه الدنيا بعث عليه حتى في الصفة، فالصفة التي يموت عليها يبعث عليها، وفي هيئته الباطنية التي تكون في عقيدته وإيمانه أو كفره، وكذلك هيئته الظاهرة حتى يعرفه من كان يعرفه في الدنيا، والمقصود أن الجزاء من جنس العمل، فالله جل وعلا يقابل هؤلاء بما يستحقونه.