العلماء يذكرون أن الصيام لا يدخله الرياء، إلا أنه قد يدخله في حالة من يأتي إلى الناس ويبين لهم أنه صائم ويظهر ذلك، ومعنى كلام العلماء أن أصل الصيام في نفسه سر بين العبد وبين ربه، فيمكن أن يخلو الإنسان في بيته فيأكل ويشرب ولا يطلع عليه أحد، فإذا امتنع من ذلك دل على أنه يريد وجه الله جل وعلا، ولكن ذلك لا يمنع أن يدخله الرياء كما ذكرنا، مثل أن يقول: إنه يصوم اليوم الفلاني واليوم الفلاني؛ لأجل أن يثنى عليه ويمدح، أما فلا تسلم من الرياء إذا كانت أمام الناس، والسلامة فيها صعبة.
والإنسان إذا أتى بحسنات كثيرة من هذا القبيل فيها رياء فهي خسارة عليه؛ لأن كل عمل ليس خالصاً لله غير مقبول، فإن الله طيب لا يقبل من الأعمال إلا ما كان طيباً، والذي يدخله شيء من إرادة النفس وإرادات الدنيا ليس طيباً، بل هو خبيث لا يقبله الله، بل يرده على صاحبه، وهذا أمر مهم جداً يجب أن يُعتنى به كثيراً.
وعلى الإنسان أن يعتني بنفسه، وينظر إلى الناس على أنهم بشر مثله لا ينفعونه ولا يضرونه، ولا يجوز له أن يحتقرهم ويزدريهم، بل يجب أن يعرف لهم حقهم، وعليه أن يعرف قدر نفسه، وأنه ضعيف إن لم يتداركه ربه جلا وعلا برحمته هلك؛ لأن الأعداء تحتوشه من كل جانب، حتى نفسه الأمارة بالسوء عدوة له، وكذلك الشيطان الذي قال صلى الله عليه وسلم عنه:(إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم)، فيعرف ماذا يميل إليه فيزينه له.
فالعبرة بإخلاص العمل، وكذلك المتابعة، وهذان شرطان في كل عمل، فيشترط أن يكون العمل ليس فيه شيء من البدع، وأن يكون خالصاً لوجه الله جل وعلا، وكل عمل لم يشتمل على هذين الأمرين فهو مردود على صاحبه مهما كانت كثرته، ومهما كان وقعه في الناس، فهو لا يفيد إلا إذا كان خالصاً لله جل وعلا، وكان على سنة المصطفى صلوات الله وسلامه عليه.