في الحديث النبوي قسمت الأسماء إلى أقسام ثلاثة: قسم جعله الله منزلاً في كتابه، والمقصود بالكتاب: جنس الكتاب.
يعني: الكتب التي أنزلها على عباده، والقسم الثاني: علّمه من يشاء من خلقه ولم ينزله في كتابه، والقسم الثالث: استأثر به في علم الغيب عنده، فلم ينزله في كتابه، ولم يعلمه أحداً من خلقه، وهذا دليل واضح بأن أسماء الله غير محصورة.
ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة لما ذكر أن الناس إذا طال بهم الوقوف، وأشتد بهم الكرب يلهمهم الله جل وعلا بأن يطلبوا الشفاعة من الرسل وهم واقفون معهم في الموقف، فيقول بعضهم لبعض: من أولى من أبيكم آدم، خلقه الله بيده، وأسكنه جنته، وأسجد له ملائكته، وعلمه أسماء كل شيء، فيذهبون إلى آدم ويطلبون منه ذلك فيعتذر، وفي الأخير تئول الشفاعة إلى محمد صلى الله عليه وسلم.
يقول صلى الله عليه وسلم:(فأذهب إلى مكان تحت العرش فإذا رأيت ربي خررت ساجداً فيفتح علي من المحامد والثناء ما لا أحسنه الآن).
المحامد والثناء تكون بأسمائه وصفاته جل وعلا.
وقوله:(ما لا أحسنه الآن) يعني: أنه لم ينزل عليه صلى الله عليه وسلم.
ومنه أيضاً: قوله صلى الله عليه وسلم: (لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك) والثناء عليه جل وعلا يكون بأسمائه وصفاته، وما يدل على ذلك: قوله جل وعلا: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ}[لقمان:٢٧].
يعني: لو أن جميع ما في الأرض من شجر جعل أقلاماً، والبحر جعل مداداً للأقلام فكتب بهذه الأقلام من البحار كلها، ويكون مع هذه البحار الموجودة مثلها سبع مرات، فإن البحار تنفد وكلمات الله لا تنفد.
وغير ذلك من الدلائل الكثيرة على هذا، وكله يدل على أن كلمات الله من أسمائه جل وعلا وصفاته، ويدل على أن أسماء الله غير محصورة.
إذاً: المقصود بهذا الحكم الذي ذكر وهو أن من أحصاها دخل الجنة، وإحصاؤها يكون بحفظها، وبمعرفة معانيها، وبسؤال الله جل وعلا بها، فمن فعل ذلك دخل الجنة، ولا يكون ذلك إلا لمن وحد وعرف حق الله، وعرف ما يوجب له وما يمتنع عليه.