العبادة فسرت بتفسيرات وتعريفات مختلفة الألفاظ، ومتفقة المعنى، فمنها التعريف المشهور عند العلماء: هي ما أمر به شرعاً من غير اطراد عرفي، ولا اقتضاء عقلي، هذا التعريف مشهور عند كثير من العلماء، العبادة: كل ما أمر به شرعاً من غير اطراد عرفي، ولا اقتضاء عقلي، يعني: أن العبادة مبنية على الأمر فقط، لا ينظر فيها إلى عرف الناس، ولا إلى عقولهم، ولا كون العرف يطرد في هذا أو يكون جائزاً، أو أن العقل يقتضيه، لا دخل للعبادة في ذلك.
ومنها التعريف الذي ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو قوله: العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، والمقصود بالباطن أعمال القلوب، مثل الخشية والرجاء والإنابة والحب، وما أشبه ذلك، فإن هذه من أفضل العبادة.
ومنهم من قال: العبادة هي طاعة الله جل وعلا باتباع أمره، واجتناب ما نهى عنه، مع غاية الحب والتذلل له في هذا الفعل.
وهذا تعريف أيضاً صحيح، والمقصود من ذلك أن الإنسان يجب أن يكون عابداً لله، والعبادة تكون خالصة له، وتكون متضمنة للحب والخوف والرجاء، فيفعل هذه الأمور ويخاف أن يعاقبه الله لو تركها، ويرجو ثواب الله عند فعلها؛ وذلك لأن الله جل وعلا جعل الإنسان ضعيفاً لا يستطيع أن يصبر عن رحمة الله جل وعلا، ولا يستطيع أن يصبر على عذاب الله جل وعلا، لا صبر له على عذابه، ولا غنى له عن رحمته، فهو يطلب فكاك نفسه وخلاصها، وليست العبادة لنفع الله، فلا ينبغي أن يقول: أنا أخدم الله جل وعلا! الله جل وعلا غني عن كل أحد، وإنما الإنسان يعبد ربه لفكاك نفسه؛ ولهذا السبب كثر ذكر الجنة والنار في القرآن، تذكر النار ثم تذكر الجنة ترغيباً في الجنة وترهيباً من النار، حتى يفعل الإنسان ما أمر به، وينتهي عما نهي عنه.
إذاً: العبادة غير محصورة في أفعال معينة من الصلاة والصوم والزكاة والذكر والقراءة، بل هي كل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الأمور الواجبة أو الأمور المستحبة، وكل ما طلب فعله يجب أن يكون خالصاً لله جل وعلا، فكل ما كان في فعله ثواب فهو عبادة، أو كان في فعله عقاب، فيكون تركه من العبادة.
وأكثر الناس جهل معنى العبادة، ووقع في الشرك لهذا السبب، فصاروا يتجهون بالدعاء إلى الأموات وإلى غيرهم ويقولون: هذا توسل، والسبب في ذلك أنهم جهلوا أن هذا عبادة، مع أن الدعاء من أكبر العبادة، كما قال الله جل وعلا:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}[غافر:٦٠]، فجعل الدعاء عبادة، بل هو من أفضل العبادة، وسواء كان الدعاء دعاء مسألة كأن يسأل شيئاً معيناً من أمور الدنيا أو من غيرها، أو دعاء عبادة كأن يفعل فعلاً من الأفعال التي يتقرب بها كالقراءة أو الذكر أو الصلاة أو الصوم أو الصدقة، فهذه كلها تدخل في دعاء العبادة.