ومن ذلك ما ذكر في هذا الباب من أن سب الدهر يؤذي الله، ثم إن مناسبة ذكر هذا الباب لكتاب التوحيد أن ساب الدهر لا يخلو من الشرك؛ وذلك لأنه إذا صدر السب منه، إما أن يكون معتقداً أن الليل والنهار والدهر يؤثر في ذلك، وأنه هو الفاعل المصرف في الحوادث الواقعة التي حصل السب من أجلها، فهذا شرك ظاهر وشرك أكبر، وإما أن يكون أضاف الحوادث -على سبيل ما يصدر من الناس وما يسمعه- إلى غير محدثها، وإنما هو على سنن الجاهلية، فيكون أيضاً شركاً ولكنه دون الأول، فتكون المناسبة ظاهرة في أن سب الدهر من الشرك، وقد جعله ابن الجوزي رحمه الله من أعظم الكفر بالله جل وعلا، وهذا يصدر من الناس ولاسيما من الأدباء الذين لهم أشعار، فإنه يصدر منهم كثيراً، وهو في الواقع من أعظم الجهل، ومن أعظم الجرأة على الله جل وعلا، فيحب على العبد أن يحترز من ذلك.
ومن هذا ما يصدر من بعض الجهلة والسفلة، إذا لقي أمراً ليس رائقاً له وجدته يلعن الوقت الذي رأى هذا الشخص فيه، يسب الساعة أو اليوم الذي رأى الشخص فيه، فهذا من أعظم الأذية لله جل وعلا، وهو ظلم وشرك بالله جل وعلا.