للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المسلم مبارك أينما كان]

يجب على المسلم أن يكون مباركاً أينما كان، وإذا حل في أي مكان نفع، هذا هو المبارك، إذا كنت عند أهلك نفعت، وإذا كنت في السوق نفعت، إذا كنت في مسيرك نفعت، والنفع هو الدعوة إلى الله جل وعلا، والتذكير بآيات الله، وبالرجوع إليه، فإننا سائرون، نحن نسير في الطريق سيراً حثيثاً أعظم من سير الطائرة، فكل لحظة تقربنا إلى المقبرة، فضلاً عن اليوم والليلة والشهر والسنة، وما أسرع ما يقال: فلان مات، ثم إذا مت من يصلي لك؟ من يتصدق عنك؟ من يصوم عنك؟ انتهت القضية، لا يوجد عمر يعود مرة أخرى، وعندها يقول: {رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ} [المؤمنون:٩٩ - ١٠٠] فيقال له: (كَلَّا) كلا، لا رجوع، انتهت القضية، كم جاءك من النذر ومن الآيات ولكنك لم تتعظ، وتستبعد هذا؟ فيندم حين لا ينفع الندم، وينبغي للإنسان أن يتنبه ما دام بإمكانه أن يتنبه ويعمل، ولا يقول: أنا صحيح، وأنا شاب، ربما اغتبط بشبابه ثم يموت وهو شاب، وهذا كثير، فيجب أن يحذر الإنسان {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [آل عمران:٢٨]، فاحذروا احذروا أن تقعوا في المعاصي ثم يموت الإنسان بإثر معصية -نسأل الله العافية- فيلقى ربه وهو عليه غضبان، فماذا يكون مصيره؟ إذا كنت مثلاً عند الملك، يعرفك، ويغدق عليك بالنعم، ويعطيك ما تريد وأكثر مما تريد، ثم بعد ذلك تعصيه معصية بارزة ظاهرة وهو يراك ويشاهدك، فتفر منه؛ لأنه سيعاقبك، ثم بعد ذلك تمسك مكبلاً، ويؤتى بك على رغم أنفك، ماذا تكون حالتك؟ هذا تقريب فقط، وإلا فالله جل وعلا يقول: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ} [الحجر:٤٩ - ٥٠]، فإنه لا يعذب عذابه جل وعلا أحد.