للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[معنى الإطراء]

قال الشارح: [قوله: (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم)، الإطراء مجاوزة الحد في المدح، والكذب فيه، قاله أبو السعادات وقال غيره: أي: لا تمدحوني بالباطل، ولا تجاوزوا الحد في مدحي.

قوله: (إنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله) أي: لا تمدحوني فتغلوا في مدحي كما غلت النصارى في عيسى عليه السلام فادعوا فيه الإلهية، وإنما أنا عبد الله ورسوله، فصفوني بذلك كما وصفني ربي، فقولوا: عبد الله ورسوله، فأبى المشركون إلا مخالفة أمره وارتكابه نهيه، وعظموه بما نهاهم عنه، وحذرهم منه].

قصده بالمشركين هنا الذين يعبدون قبور الصالحين، ويعبدون الرسول صلى الله عليه وسلم، وإن كان الله جل وعلا قد صان قبره عن العبادة، فحماه لدعوته صلوات الله وسلامه عليه، فأصبح لا يستطيع أحد أن يصل إلى قبره صلوات الله وسلامه عليه؛ صيانة له من الله، واستجابة لدعوته حينما دعا ربه وقال: (اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، ولكن كثيراً من الناس يعبد الصالحين عبادة صريحة، فيدعوهم، ويلجأ إليهم فيما لا يستطيعه إلا الله، مثل شفاء المرض، ومثل الرزق، ومثل الولد، ودفع العدو، وما أشبه ذلك، يستغيثون بالأموات، ويسألونهم هذا، وهذا شرك، فقصده بالمشركين هؤلاء.

قال الشارح: [وناقضوه أعظم مناقضة، وضاهوا النصارى في غلوهم وشركهم، ووقعوا في المحذور، وجرى منهم من الغلو والشرك شعراً ونثراً ما يطول عده، وصنفوا فيه مصنفات] مضى في درس سابق ذكر المصنفات والمصنفين في هذا، ولكن تسميتها أو تسمية أصحابها لا داعي له، وليس هناك دافع للتسميات.