للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فضل جابر بن عبد الله وأبيه رضي الله عنهما]

قال الشارح رحمه الله: [قوله: عن جابر هو ابن عبد الله بن عمرو بن حرام -بالمهملتين- الأنصاري ثم السلمي -بفتحتين- صحابي جليل هو وأبوه، ولأبيه مناقب مشهورة رضي الله عنهما، مات بالمدينة بعد السبعين وقد كف بصره وله أربع وتسعون سنة].

أبوه عبد الله بن حرام قتل في غزوة أحد، وقد كان تخلف عن غزوة بدر فأسف على ذلك، وقال: إن قدر الله جل وعلا غزوة أخرى فسيرى ما أصنع.

فهاب أن يقول شيئاً غير هذا، فلما جاءت غزوة أحد قال لولده: يا بني! ما يصلح أن أخرج أنا وأنت ونترك البنات -وقد كان له سبع بنات-، ولست بمؤثرٍ لك الخروج يعني: أنا أولى منك بأن أخرج فخرج مع الرسول صلى الله عليه وسلم، فلما حصل ما حصل من انتكاس الصحابة وقتل من قتل منهم وصاح الشيطان بأعلى صوته: قتل محمد، تقدم إلى الكفار فقاتل حتى استشهد رضي الله عنه، فلما أتي به عند رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جابر يبكي والناس ينهونه، يقول: والرسول صلى الله عليه وسلم يبصرني ولا ينهاني.

ثم إنه قال لي: (أتدري ماذا قال الله لأبيك؟ إنه لما لقيه قال: يا عبدي! تمن علي.

فقال: كيف أتمنى وقد أعطيتني ما أريد، وما لا أتصور؟ فقال: تمن.

فلما رأى أنه لا بد قال: يارب! أريد أن تحييني مرة أخرى فأقتل في سبيلك.

قال: أما هذه فليس إليها من سبيل.

قال: فأبلغ عني من خلفي)، فنزل قول الله جل وعلا: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} [آل عمران:١٦٩] إلى آخر الآية، فالمقصود أن الله كلمه بدون واسطة بعد موته.