في الآية الأولى ذكر الله أربعة شروط، يقول العلماء: كلها تبطل الشرك، أو كل واحد منها يبطل الشرك، فإذا اجتمعت هذه الشروط أزالت الشرك من أصله من قلب العبد ومعنى ذلك أنه لا يبقى في قلب الذي يؤمن بها مثقال ذرة من شرك لأنها تزيله نهائياً، ولهذا قال بعض العلماء: هذه الآية تقلع شجرة الشرك من عروقها، ولا تبقي منها شيئاً، وما أكثر الآيات التي تشبه هذه الآية في القرآن! والشروط الأربعة واضحة من الآية، وهي قوله جلَّ وعلا:{قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ}[سبأ:٢٢] و (زعم) في لغة العرب تطلق على الاعتقاد الكاذب، والقول الكاذب، كما قال الله جلَّ وعلا:{زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا}[التغابن:٧](زعم) أي: المشركون فقالوا: لن نبعث، وهذا القول كذب، ولهذا أطلق عليهم لفظ (زَعَمَ){زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي}[التغابن:٧]، فهنا يقول جلَّ وعلا:{قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ}[سبأ:٢٢] وزعمهم في المدعوين أنهم شفعاء لهم، هذه هي دعواهم، وهذا كذب، فهم ليسوا شفعاء؛ لأن الشفاعة ملك لله، ولا تقع إلَّا بإذنه كما قال جلَّ وعلا:{مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ}[البقرة:٢٥٥]، ثم تحداهم بقوله:{فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}[الأعراف:١٩٤]، وقال:{قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ}[سبأ:٢٢] إذا كانوا لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض فكيف يُدعَون؟! لأن المدعو يجب أن يكون مالكاً لما يُدعى من أجله وإلَّا صارت دعوته ضلالاً لا فائدة فيها، هذا الأول.