للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يقلد عالماً لأنه قال ما يهواه

المقلد الذي يتبع شهواته فيسأل هذا، فإذا أفتاه بشيء لا يلائمه ذهب يسأل الآخر، حتى يجد من يفتيه بالشيء الذي يريده هو، فهذا معناه أنه يطلب هوى نفسه، وهو ليس معذوراً في هذه الأمور، بل هو مأزور وعليه أن يتقي الله، وإذا أفتي بما ظاهره الحق وعليه الدليل فعليه أن يعمل بذلك؛ لأن الله جل وعلا أمر بسؤال أهل العلم، وأهل الذكر هم أهل العلم.

فهذا وهذا كلاهما سواء، لكنه ربما اتبع هذا لغرض، وأعرض عن هذا لغرض آخر، فمثل هذا هو الذي يكون مثل الجاهلية؛ لأنه يتبع ما تهواه نفسه، ولأنه ينتصر لمن يحبه ويريده، وإن كان الثاني مساوياً له في العلم والتقى، فعلى الإنسان أن يكون اتباعه ونظره طلباً للحق، وطلباً لمتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم، فكلما تبين له ذلك فرح به وشكر من حصل على يده البيان.

فهذه في الواقع أمور يجب على الإنسان أن يعتني بها؛ لأن كثيراً من الناس يخطئ فيها، والمسألة في هذا أن الله جل وعلا بعث رسوله صلى الله عليه وسلم، وأنزل كتابه بجوامع الكلم، وبالكليات العامة الشاملة التي يدخل في الجملة منها أحكام كثيرة، فليس كل أحد يستطيع فهم هذه المسألة من هذا النص أو من هذه القاعدة أو من هذه الكلية؛ لأن الله فاوت بين العباد في الفهوم والإدراكات، وهذا هو سبب اختلاف العلماء، فاختلاف الفقهاء من أهل السنة لاختلاف إدراكاتهم وفهومهم؛ لأن الحوادث التي تجري على أيدي الناس والأفعال والأعمال التي يعملونها ما يمكن أن يأتي الشرع بالنص على كل واحدة منها، فهذه صلاة حكمها كذا، وإخراج زكاة هذا حكمها كذا، وهذا العمل حكمه كذا، يعني: لا يكون منصوصاً عليه، وإنما أتت الكليات فأصبحت محلاً للنظر والاجتهاد الذي يسميه العلماء مناط الحكم؛ فلهذا اختلفوا هذه الاختلافات، وعلى الإنسان أن يتقي الله.