قوله:(ولعن الله من آوى محدثاً) الإيواء هو: الحماية، آواه إذا حماه ودافع دونه أو رضي بفعله وانضم إليه وصار معه على هذا الفعل، ويقال: أويته وآويته، إذا حماه وساعده ودفع عنه ما يقصد به من إقامة حد أو إنكار منكر أو ما أشبه ذلك.
وقوله:(محدثاً) بفتح الدال وبكسرها محدَثاً ومحدِثاً، فإذا كان محدِثاً فهو اسم فاعل، يعني: الجاني العاصي هو الذي يُؤوى، وإذا كان محدَثاً فهو الحدث نفسه، فيكون معنى إيوائه: الرضا به والمدافعة عنه.
وإذا كان بالكسر فمعنى ذلك: أنه يحمي ذلك الرجل المحدث من أن يقام عليه الحد، أو أن يُنكر عليه فعله أو يزال ما يفعله، وهذا معناه أنه محادّ لله جل وعلا ولرسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه صار في حد، والله ورسوله في حد، يعني: صار في جانب، والله ورسوله في جانب، ويصبح محارباً لله جل وعلا ولرسوله.
إذاً: معنى المحاداة: المحاربة والمبارزة بالمعاصي، وإذا كان محدَثاً فمعنى ذلك: كل بدعة تبتدع في الدين، فمن رضي بها أو حماها فهو ملعون.
أما إذا كان بالكسر فمعناه: أن كل فاعل لبعض هذه الأفعال فمن حماه وآواه وساعده يكون ملعوناً، والواقع أن الحديث يعم الاثنين، يعم الحدث والمحدِث، فالذي يرضى بالحدث -الذي هو البدعة التي تبتدع في دين الله- يكون داخلاً في هذا الوعيد، وكذلك الذي يدافع عن المبتدع نفسه ويحميه ويساعده على بدعته من أجل بدعته يكون داخلاً في هذا الوعيد.