[قصة النبي صلى الله عليه وسلم مع خديجة]
وكذلك خديجة رضوان الله عليها لما أخبرها بما يرى، وأنه رأى الملك أول ما رآه فارتاع منه، قال لها: (إني أخاف على نفسي) ماذا قالت له؟ كلا.
والله لا يخزيك الله أبداً؛ إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتقري الضيف إلخ.
خفاستدلت على أنه سوف يلقى الخير والسعادة بما يفعل؛ لأنه -كما قلنا- ما يلتبس أمر الكاذب بأمر الصادق، وهذا يدلنا على أن المتكلمين ما اهتدوا إلى شيء من ذلك عندما قالوا: إنه لابد أن يقترن بدلائل النبوة التحدي، وإلا فإنه يلتبس الأمر بالنبي والمتنبي والساحر وغيره.
وهذا بعيد جداً؛ لأن المتنبي كاذب والنبي صادق، بل المتنبي أكذب الخلق وأخبثهم، والنبي أصدق الخلق وأفضلهم، ولا يمكن أن يلتبس أصدق الخلق بأكذبهم، وكذلك الساحر مثل المتنبي أو أخبث، وهكذا.
والمقصود أن دلائل النبوة كثيرة جداً، ومن قرأ السيرة اطلع على الشيء الكثير، ولهذا نحث كثيراً على قراءة سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنها تزيد الإنسان إيماناً وتثبت اليقين عنده تماماً.
ومن أعظم الآيات التي جاء بها صلوات الله وسلامه عليه هذا القرآن الذي يتلى ونسمعه كثيراً، وفيه من العجائب ومن الآيات والدلائل على صدقه في كل آية.
وعلى كل حال فهذه من الأمور الواجبة على المسلمين، كونهم يتعرفون على دلائل نبوة النبي صلى الله عليه وسلم.
والإنسان سيسأل عن هذه الأمور، فإنه إذا وضع في قبره سئل ثلاثة أسئلة: الأول منها يقال له: من ربك؟ ولا بد أن يعرف ربه بالدلائل اليقينة، وليس بالتقليد، والسؤال الثاني يقال له: من هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ ولا يكفي كونه يقول: محمد بن عبد الله.
لابد أن يعرفه بالدلائل أنه نبي حق وأنه صادق وأنه جاء بالهدى، والثالث: يقال له: ما دينك؟ أي: ما الذي تتعبد به؟ فإذا أجاب سئل عن الدليل، فيقال له: ما يدريك أن هذا هو الحق؟! فلو قال -مثلاً-: ربي الله، وهذا هو رسول الله، وديني الإسلام يقال له: وما يدريك؟ فإما أن يذكر الدليل الذي يقنع به الملائكة أو يتلعثم ويقول: لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته.
فيعذب، فالمقصود أن هذا مما يجب على الإنسان معرفته، وأنه يسأل عنه في قبره، يسأل عن ذلك، وإذا لم يعرف ربه ودينه ونبيه باقتناع فإنه يخشى عليه أن لا يجيب الجواب الصحيح، ويخاف عليه.