للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إرسال الشهب على مسترقي السمع]

[الثالثة عشرة: إرسال الشهاب].

إرسال الشهب كان منذ أن خلق الله جلَّ وعلا السماوات، وقد ذكر الله جلَّ وعلا أنه خلق النجوم لثلاث حكم نص عليها جلَّ وعلا في كتابه: الحكمة الأولى: أنها زينة للسماء، فإن الذي ينظر إلى السماء يرى زينة السماء بالكواكب كأنها قناديل معلقة في السماء، فالسماء تتزين بها، وهذا من الأدلة على قدرة الله جلَّ وعلا، وعلى أنه هو المقدر الخالق لكل شيء؛ ولهذا يقسم بها جلَّ وعلا لأنها دليل عليه.

الحكمة الثانية: أنها علامات يُهتدى بها في ظلمات البر والبحر، كما قال الله جلَّ وعلا: {وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} [النحل:١٦].

الحكمة الثالثة: إرصاداً للشياطين الذين يسترقون السمع فيُرجمون بها، فجعلها رجوماً لهم، والرجم يكون من النجوم التي ليست علامات ظاهرة مرئية تُرى وتُعرف، فالنجوم كثيرة جداً، وقد يكون الرجم بأجزاء منها، وقد يكون من غيرها.

[الرابعة عشرة: أنه تارةً يدركه الشهاب قبل أن يلقيها، وتارةً يلقيها في أذن وليه من الإنس قبل أن يدركه.

الخامسة عشرة: كون الكاهن يصدُق بعض الأحيان].

وصدقه بعض الأحيان هو لهذا السبب، والمراد بالصدق: ما يخبر به عن الأمور المستقبلة، فقد يخبر بشيء مستقبل أو أمور غائبة فيصدق في ذلك، والسبب في هذا: الكلمة التي تسمع من الملائكة؛ ولكنهم يكذبون مع هذه الكلمة، ويضع مائة كذبة مع هذه الكلمة التي يصدق بها، والعجيب أنهم يُصَدَّقون في كذبهم بسبب هذه الكلمة، فإذا قيل: هذا ليس صحيحاً، قالوا: ألم يخبرنا بكذا وكذا وصار كما أخبر؟! فيكون ذلك فتنة لهم.

والكذب هذا يُحتمل أن يكون من الكهنة ويُحتمل أن يكون من الشيطان، وكلاهما يكذب، فالشيطان يكذب على الكاهن، والكاهن يكذب على من يخبرهم.