المقصود أن أقسام التوحيد ثلاثة أو اثنان إن شئت: فالأول: توحيد في العلم والعقيدة، وتوحيد العلم والعقيدة هو الذي يتعلق بالرب جل وعلا، يتعلق بأسمائه وأوصافه وأفعاله تعالى وتقدس، فيجب على العبد أن يأخذ هذا العلم من كتاب الله جل وعلا ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد أكثر الله جل وعلا من ذكر ذلك في كتابه حتى يعرف عباده ما يستحق، ويقدرونه القدر الذي يستحق، كما قال الله جل وعلا:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}[الزمر:٦٧]، فذكر بعد قوله:(وما قدروا الله حق قدره) الأفعال التي ينفرد بها والتي تقتضي تعظيمه وتمييزه جل وعلا عن سائر الخلق.
وكذلك قوله جل وعلا في قصة نوح:{مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا}[نوح:١٣ - ١٤]، وذكر أفعاله بعد هذا، كأنه يقول: إن هذه الأفعال تدعوكم إلى أن تعرفوا قدر الله، وتعظموه العظمة التي يستحقها فتبين بهذا أنه جل وعلا يتعرف إلى عباده بذكر أفعاله وأوصافه، وهذا كثير في القرآن جداً، وهذا هو الطريق إلى الاقتناع بالإيمان بالله جل وعلا، وهو الطريق إلى اليقين الحق الذي من وصل إليه أصبح راسخاً في العلم، وأصبح لا يقبل التشكيك ولا يقبل الارتياب مع توفيق الله جل وعلا، وإلا فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن، يقلبها كيف يشاء، إن شاء ثبتها على الحق، وإن شاء أزاغها)، ولكن إذا عرف الإنسان ربه، وخضع وذل له، وعبده؛ فعادته جل وعلا التي جرت في عباده أنه يثبته بالقول الثابت حتى يلقاه.