قال الشارح رحمه الله:[وفي القصة فوائد ذكرها المصنف رحمه الله، ومنها: رد الشبه التي يسميها أهل الكلام عقليات، ويدفعون بها ما جاء به الكتاب والسنة من توحيد الصفات وإثباتها على ما يليق بجلال الله وعظمته وكبريائه.
ومنها: مضرة التقليد].
يقول: وفي القصة فوائد، منها: رد ما يزعمه المتكلمون من العقليات التي ردوا بها صفات الله جل وعلا، والواقع أن الذي يقوله المتكلمون ليس عقليات، وإنما هو ظنون وشكوك وشبه؛ لأن العقل الصحيح السليم لا يخالف الوحي، بل يتفق معه، ولكن العقل لا يستطيع أن يستقل بما جاء به الوحي، فإنه يحار ولا يستطيع أن يدرك ما جاءت به الرسل، ولكن لا يخالف ذلك، فليست عقليات في الواقع، وإنما هي جهليات، ينبغي أن تسمى جهليات لا عقليات، وأصل المبدأ عندهم في هذا أنهم جعلوا العقل هو الأصل الذي يرجع إليه في كل شيء، ولكن عقل من؟ فمن المعروف أن عقول الناس تختلف، ولا يمكن أن يكون عقل أبي بكر الصديق رضي الله عنه كعقل أبي جهل، فالعقول تختلف على اختلاف المواهب التي يهبها الله جل وعلا لأصحابها، فكيف نرجع إلى شيء لا ضابط له، ولا سيما إذا كان الحكم في أمور غيبية لا تدرك بالعقل، وإنما تدرك بالوحي؟ فهذا من أضر ما يكون على الإنسان إذا تبنى هذا الشيء، وجعل الوحي راجعاً إلى ما يسميه عقلاً، ويحكم العقل عليه، وليس هذا في زمن كان فباد، بل لا يزال إلى الآن كثير من الناس يتبنون هذا المبدأ، وكلما جاء أمر من أمر الرسول صلى الله عليه وسلم قالوا: هذا لا يعقل، وهذا يخالف العقل، فيردونه بهذه الدعوى!