قال الشارح رحمه الله: [قال العلامة ابن القيم في بدائع الفوائد: اختلف الناس في جواز إطلاق السيد على البشر، فمنعه قوم، ونقل عن مالك، واحتجوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم لما قيل له:(يا سيدنا! قال: السيد الله تبارك وتعالى).
وجوزه قوم، واحتجوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار:(قوموا إلى سيدكم) وهذا أصح من الحديث الأول.
قال هؤلاء: السيد أحد ما يضاف إليه، فلا يقال للتميمي: سيد كندة، ولا يقال للملك: سيد البشر، قال: وعلى هذا فلا يجوز أن يطلق على الله هذا الاسم، وفي هذا نظر، فإن السيد إذا أطلق عليه تعالى فهو في منزلة المالك، والمولى، والرب، لا بمعنى الذي يطلق على المخلوق، انتهى.
قلت: فقد صح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في معنى قول الله تعالى: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا}[الأنعام:١٦٤] أي: إلهاً وسيداً، وقال في قول الله تعالى:{اللَّهُ الصَّمَدُ}[الإخلاص:٢]: إنه السيد الذي كمل في جميع أنواع السؤدد، وقال أبو وائل: هو السيد الذي انتهى سؤدده.
وأما استدلالهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار:(قوموا إلى سيدكم) فالظاهر أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يواجه سعداً به، فيكون في هذا المقام تفصيل.
والله أعلم].
قوله:(اختلف الناس في إطلاق لفظ السيد على البشر) وقد فصل في هذا، والصواب: أنه يجوز؛ لأن السيد بمعنى المقدم في القوم، وكذلك بمعنى الرئيس، وبمعنى المولى، وما أشبه ذلك، ولكن إذا أطلق على الله جل وعلا فهو بمعنى الرب المالك المتصرف، فهو غير ما يطلق على البشر، إلا أنه لا ينبغي إطلاقه على البشر في المواضع التي منها ألفاظ مشروعة، مثل التشهد في الصلاة، فكثير من الناس يقول: أشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، وهذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فالعبادات توقيفية يجب أن يوقف معها على النص الذي جاء، وأما إطلاقه في غير العبادة فهو جائز، ولا سيما وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(أنا سيد ولد آدم ولا فخر، أتدرون ما ذلك؟) ثم ذكر حديث الشفاعة.
فهذا صحيح ثابت عنه صلى الله عليه وسلم، وأما إطلاقه على الله جل وعلا فله معنى غير هذا، وقد بين الشارح أن معناه: المولى والمالك والمتصرف والرب الذي يربي خلقه بالنعم، وبما يصلح لهم، وما يصلحهم.