للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خمس حديث عبادة وثمرتهن]

[المسألة الخامسة: تأمل الخمس اللواتي في حديث عبادة رضي الله عنه].

الخمس هنا قوله صلى الله عليه وسلم: (من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له) فهذه واحدة، (وأن محمداً رسول الله) هي الثانية، وإن كانتا في الواقع كلتاهما واحدة؛ لأن شهادة أن (لا إله إلا الله) لا تفرق عن شهادة أن (محمداً رسول الله)، ولكنها شرط في الإتيان بها، فلا بد منها، ومن شهد أنه (لا إله إلا الله) ولم يشهد لمحمد صلوات الله وسلامه عليه بالرسالة وأنه رسول إلى الثقلين الجن والإنس جميعاً، وأنه خاتم الرسل، وأنه ليس بعده رسول فإن شهادته مردودة، وهو ليس بمسلم، بل هو من أهل النار إذا مات على ذلك، فلا بد مع شهادة ألا إله إلا الله أن يشهد أن محمداً عبده ورسوله، وهكذا جاء (عبده ورسوله)، أي أنه عبد تعبده الله جل وعلا بعبوديته، وليس له من الإلهية شيء، وليس له من الربوبية كذلك شيء.

الثالثة قوله: (وأن عيسى عبد الله ورسوله)، وهذا يقتضي أنه لا بد من أن يشهد للرسل كلهم؛ لأن عيسى عليه السلام واحدٌ منهم، فكذلك بقيتهم، وإنما زاد عيسى على الرسل بأنه كلمة الله ألقاها إلى مريم، وأنه روح منه، يعني أنه ليس إلهاً، وليس شريكاً لله جل وعلا، ولا ثالث ثلاثة، وليس ابناً لله، تعالى الله وتقدس عما يقول الضالون، فلا بد أن يتبرأ من قول أهل الضلال في ذلك، وإذا كان الإنسان الذي يشهد بهذا نصرانياً فلا بد من ذلك، وإلا فتكون شهادته باطلة؛ لأنه يعتقد شيئاً من هذا النوع، وهو باطل مناف للتوحيد.

الرابعة قوله: (وأن الجنة حق والنار حق) الجنة والنار اثنتان، ومعنى أن الجنة حق أنها موجودة مستقرة، وأن الله خلقها وأعدها لأوليائه، والنار كذلك موجودة مستقرة حيث شاء الله جل وعلا، وأنه أعدها لأعدائه، وسوف يسكنونها ولا يخرجون منها، فهؤلاء هن الخمس اللاتي يجب الإيمان بهن، وإذا تأمل الإنسان ذلك وجد أن الإسلام يدل على ذلك كله.