[مجرد التلفظ بلا إله إلا الله لا يعصم الدم والمال حتى يكفر بما يعبد من دون الله]
قال الشارح رحمه الله: [قوله: (من قال: لا إله إلا الله وكفر يما يعبد من دون الله) اعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم علق عصمة المال والدم في هذا الحديث بأمرين: الأول: قول: لا إله إلا الله عن علم ويقين كما هو قيد في قولنا في غير ما حديث كما تقدم والثاني: الكفر بما يعبد من دون الله، فلم يكتف باللفظ المجرد عن المعنى، بل لابد من قولها والعمل بها.
قلت: وفيه معنى {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا}[البقرة:٢٥٦] قال المصنف رحمه الله تعالى: وهذا من أعظم ما يبين معنى لا إله إلا الله، فإنه لم يجعل التلفظ بها عاصماً للدم والمال، بل ولا معرفة معناها مع لفظها، بل ولا الإقرار بذلك، بل ولا كونه لا يدعو إلا الله وحده لا شريك له، بل لا يحرم ماله ودمه حتى يضيف إلى ذلك الكفر بما يعبد من دون الله، فإن شك أو تردد لم يحرم ماله ودمه، فيا لها من مسألة ما أجلها، ويا له من بيان ما أوضحه وحجة ما أقطعها للمنازع! قلت: وهذا هو الشرط المصحح لقوله: لا إله إلا الله، فلا يصح قولها بدون هذا الخمس التي ذكرها المصنف رحمه الله أصلاً].
الخمس هي: الأول: القول، أن يقول: لا إله إلا الله.
الثاني: العلم، أن يكون عالماً بمعناها.
الثالث: العمل، أن يعمل بما دلت عليه.
الرابع: الإقرار؛ لأنه قد يقول الإنسان هذا الشيء عن علم، ولكن يجحده بلسانه ظاهراً، وإن تيقن قلبه، فلا بد من الإقرار والانقياد والإذعان.
والخامس: الكفر بما يعبد من دون الله، فلا بد أن يجمع الإنسان هذه الأمور الخمسة، وإلا لا يصح إسلامه، فإذا اجتمعت فيه فهذا هو المراد الذي أراده الرسول صلى الله عليه وسلم، وإلا فاليهود يقولون: لا إله إلا الله، ويعلمون أنه لا إله إلا الله، وقد لا يقع منهم شرك، ومع ذلك لا تنفعهم لا إله إلا الله؛ لأنهم لم يكفروا بما يعبد من دون الله، ولم يتبرءوا منه؛ ولأنهم لم يقروا للرسول صلى الله عليه وسلم بالرسالة، ولم يتابعوه، فلا بد من اجتماع هذه الأمور الخمسة.