أما قوله:(ولا غول) فالغول واحد الغيلان، والغيلان يقولون: هم سحرة الجن؛ لأن الجن فيهم سحرة، وهم يتغولون المسافر يعني: يتراءون للمسافر ليضلوه، وقد يأتونه بنار أو يأتونه بأمور تزعجه وتخيفه، هكذا كانوا يعتقدون، فأخبر صلى الله عليه وسلم أن هذا لا حقيقة له، ولكن جاءت آثار تدل على وجود الغيلان، منها حديث:(إذا تغولت الغيلان فنادوا بالأذان)؛ لأن الأذان يطرد الجن والشياطين؛ ولأنه ذكر لله.
وجاء عن بعض الصحابة أنه قال: كان أحد الصحابة عنده طعام، وكان قد وضعه في مكان، وكانت الغيلان تأخذ منه إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على وجود الغيلان.
أما ما كان يعتقده أهل الجاهلية من أن الغيلان تتسلط على الناس، وتضلهم في أسفارهم، فهذه عقيدةٌ باطلة، ولا حقيقة لها.
وليس المعنى نفي وجود الغيلان، ولكن المعنى أنهم لا يستطيعون أن يضلوا أحداً إلا من تولى الشيطان، فإن هذا قد تضله الجن والشياطين، وقد تلابسه، وقد تؤذيه، وقد تقتله.
أما المؤمن الذاكر فإنه يتحصن بذكر الله، فلا يصيبه شيء من أذاهم، فيكون المعنى المراد: أنه لا حقيقة لما يعتقده أهل الجاهلية من أن الغيلان تضل المسافرين وتتراءى لهم، وإنما ذلك يكون بالكفار جزاءً لأعمالهم وكفرهم.
أما المؤمن الذي يؤمن بالله فإنه لا يصيبه ذلك الغول؛ لأنه يتحرز بذكر الله وبالإيمان، والله لم يجعل للشيطان على المؤمنين سلطاناً.