قوله:[وله بسند صحيح عن قتادة قال: شركاء في طاعته ولم يكن في عبادته].
هنا نحتاج إلى معرفة الفرق بين الطاعة والعبادة، والشرك في الطاعة والعبادة.
الشرك في الطاعة قد يكون شركاً في العبادة التي تتضمن الذل والخضوع، وقد لا يكون شركاً في العبادة؛ وذلك لأن الإنسان قد يطيع ظالماً معتدياً في أمره، إما خوفاً من سطوته أو غير ذلك، أو لرغبة في أمر من أمور الدنيا وهو يعرف أنها معصية، فتكون طاعته معصية وهي نوع من العبادة، ولكن ليست كالعبادة التي تتضمن الذل والخضوع والتعظيم؛ لأن هذه أركان العبادة:(أن يطيع ذالاً خاضعاً معظماً خائفاً راجياً).
ثم كذلك: نحن ندرك أن هذا يطيع هذا وقلبه كاره له مبغض له، ويطيعه في أمر لا يجوز أن يطيعه فيه، فيكون القلب غير عابد له بل قد يلعنه في قلبه، بخلاف الذي يطيع رب العالمين.
أما طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، أو طاعة من يأمر بطاعة الله وينهى عن معصيته، فهذه لا تسمى طاعة عبادة، ولا تسمى عبادة لمن أمر، وإنما يطاع لأنه جاء بأمر الله.
قال الشارح رحمه الله:[قال شيخنا رحمه الله: إن هذا الشرك في مجرد تسمية لم يقصد حقيقتها، وهو محمل حسن، يبين أن ما وقع من الأبوين من تسميتهما ابنهما عبد الحارث، إنما هو مجرد تسمية، لم يقصدا تعبيده لغير الله.
وهذا معنى قول قتادة: شركاء في طاعته ولم يكن في عبادته].
هذا لا يكفي في تبرير هذه الحكاية، وكونه شركاً في الطاعة وليس شركاً في العبادة؛ لأن الشرك في الطاعة شرك، ولا يجوز أن يقع من نبي من الأنبياء، ولو كان مثل هذا وقع لذكر الله جل وعلا التوبة، وأنه تاب منها؛ لأنه لا يجوز أن يقر عليها.