للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[جواز الاستعانة بالحي الحاضر فيما يقدر عليه]

لا يجوز أن يُسألوا مما هو من خصائص الله جلَّ وعلا، فلا يُستغاث بهم، ولا تطلب منهم الحاجات التي لا يقدرون عليها، وإنما يُسأل الحي الحاضر المستطيع: يُسأل إذا كان مستطيعاً أن يعطيك ما تسأله، ويُستغاث به في الشيء الذي يستطيعه، كما قال الله جلَّ وعلا في قصة موسى عليه السلام: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} [القصص:١٥]، فبين أن الاستغاثة في مثل هذا جائزة: الاستغاثة في الشيء الظاهر، والأمر المحسوس المشاهَد، والمقدور عليه ممن يستطيع ذلك: لا بأس بها، أما الاستغاثة من ميت، أو من غائب، أو بحي حاضر غير مستطيع في أن يكشف عنه داء القلوب، أو مرض الأبدان، أو يجلب له الرزق، أو يوفقه، أو يهديه، أو ما أشبه ذلك من الأمور التي هي بيد الله، فهذا شرك بالله جلَّ وعلا؛ لأنه صرفٌ لحقه للمخلوق، فلا يجوز أن يقع المسلم في مثل هذه الأمور، ويجب أن يعرف أمر الله عليه، وما أوجبه الله جلَّ وعلا على عباده، فإن لله حقاً على العباد لا يجوز أن يُجعل منه شيء لأحد من الخلق، وليس طلبُ الدعاء والشفاعة من الحاضر الذي يسمع ويقدر من هذا الباب، بل هو جائز.

والخلاصة في هذا: أن المخلوق لا يُطلب منه إلَّا ما في مقدوره واستطاعته، والميت لا قدرة له، ولا استطاعة له، ولا تصرف له، وكذلك الغائب، مثل: الجني والملَك الذي لا يشاهَد ولا يُرى فإنه لا يُسأل ولا يُطلب منه، سواءً ادُّعي أنه ولي من أولياء الله، أو نبي من أنبياء الله، أو ملك من الملائكة أو غير ذلك، فإن الله جلَّ وعلا تعبَّد العباد بأنه يملك النفع ويدفع الضر، وأنه لا أحد من خلقه يشاركه في هذا.