في صحيح مسلم أنه قيل لـ علي رضي الله عنه:(هل خصكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء لم يقله للناس؟ فقال: لا، ما خصنا بشيء لم يقله للناس، ولكني سمعته يقول: لعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من سب والديه، ولعن الله من آوى محدثاً، ولعن الله من غير منار الأرض) واللعن من الله جل وعلا ومن رسوله صلى الله عليه وسلم هو: الطرد والإبعاد من رحمة الله، والملعون هو: من لعنه الله أو لعنه رسوله صلى الله عليه وسلم، أو من حق عليه ذلك وطرد ولو لم يواجه بهذا، أو يقال فيه: ملعون، والله جل وعلا يلعن من يشاء، كما أنه يرحم من يشاء، فبعض عباده يلعنهم الله جل وعلا، وإذا لعن الله إنساناً لعنته الملائكة وعباد الله، ويلعنه اللاعنون في السماءً وفي الأرض، فيكون طريداً بعيداً.
وهنا لعن أربعة أجناس من الناس وهم: الجنس الأول: الذابح لغير الله، وهذا يدلنا على أن الذبح لغير الله من أعظم المحرمات، وأن فاعله يستحق الطرد من رحمة الله، أو أنه قد صار مطروداً من رحمة الله ومبعداً إذا لم يتداركه الله جل وعلا برحمته بأن يتوب ويندم ويرجع إلى الله جل وعلا، وإلا فقد حق عليه ذلك، وهذا مطلق فيمن ذبح لغير الله أي ذبيحة ذبحها ولأي شيء ذبح، سواء للجن أو للأصنام أو للملائكة أو للأولياء أو لغيرهم من الأغراض التي يذبح لها الإنسان، والناس لهم أغراض شتى في هذا.
ومنهم من لا يظهر أنه يقصد غير الله، وإنما يظهر بذلك أنه يفرح، كالذي يبني بيتاً، وإذا أراد أن ينزل فيه يأتي بالذبائح ويذبحها، ومقصوده بهذا: أن يتخلص من أذى الجن حتى لا يؤذوه ويأتوا إليه في هذا البيت، فإن هذا من ذبائح الجن التي تكون لغير الله جل وعلا؛ لأن المقصود النية والقصد، وإن قال في الذبح: إني ما أقصد هذا، أو أنه سمى الله وذبح، ودعا الناس ليأكلوه أو أظهر أنه للفرح أو غير ذلك؛ لأن الأمر كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) فالنية معتبرة في الأعمال، فكل عمل قصد به غير الله يكون شركاً.
ومن أعظم ذلك الذبائح، ومن فعل ذلك فهو داخل في لعنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال:(لعن الله من ذبح لغير الله).