للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وجوب اتباع أدلة الكتاب والسنة]

قال الشارح: وحينئذ فلا عذر لمن استفتي أن ينظر في مذاهب العلماء وما استدل به كل إمام ويأخذ من أقوالهم ما دل عليه الدليل إذا كان له ملكة يقتدر بها على ذلك، كما قال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء:٥٩]].

قوله: (لا عذر لمن استفتي) يعني: أن الإنسان إذا سئل عن مسألة وكان يعرف النص فيها فهذا لا إشكال فيه، ولكن إذا كان لا يعرف النص وإنما يستنبط استنباطاً، ومعلوم أن الحوادث من أفعال الناس لا حصر لها ولا تنتهي، وليس بلازم أن يكون منصوصاً على كل فعل يفعله الناس، وإنما الشرع كليات وجوامع وقواعد يدخل تحتها ما لا حصر له من الأمور، بل يكفي لعمل الناس إلى يوم القيامة، ولكن يحتاج إلى فقه وإلى علم، فإذا سئل الإنسان عن حادثة ما: فإذا كانت لا نص عليها من كتاب الله وسنة رسوله فيجب أن يجتهد في النظر في أقوال العلماء فيها ويبحث عن أقرب قول إلى الدليل وأصوبه، ثم يفتي بذلك مجتهداً، هذا إذا كان أهلاً للاجتهاد، أما إذا كان ليس عنده ملكة، ولا يميز بين الأقوال الصحيحة من غير الصحيحة، فهذا يجب أن يقول: لا أدري، ويسأل غيره.