للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عاقبة من أحب الدنيا وقدمها على مرضاة الله]

قال الشارح رحمه الله: [قال ابن عباس رضي الله عنهما: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} أي: ثوابها {وَزِينَتَهَا} أي: مالها: {نُوَفِّ} نوفر إليهم ثواب أعمالهم بالصحة والسرور في المال والأهل والولد {وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ} [هود:١٥] أي: لا ينقصون، ثم نسختها: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} [الإسراء:١٨] الآيتين رواه النحاس في ناسخه].

معنى نسختها: قيدتها، والمقصود بالنسخ هنا التقييد؛ لأن هذه التي في سورة هود مطلقة عامة، والآية التي في سورة الإسراء قيدها جل وعلا بإرادته، وبمن يريد أن يعجل له، فصارت أخص منها، والخاص يقيد العام.

[قوله: ثم نسختها أي: قيدتها، فلم تبق الآية على إطلاقها.

وقال قتادة: من كانت الدنيا همه وطلبته ونيته، جازاه الله بحسناته في الدنيا، ثم يفضي إلى الآخرة وليس له حسنة يعطى بها جزاءً، وأمَّا المؤمن فيجازى بحسناته في الدنيا، ويثاب عليها في الآخرة.

ذكره ابن جرير بسنده].

إذا جوزي في الدنيا نقص جزاؤه في الآخرة, كما نصت على ذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الغزاة إذا غنموا تعجلوا الشيء من جزائهم, وإذا لم يغنموا شيئاً وفر لهم جزاء غزوتهم كاملاً يوم القيامة) , ليس معنى ذلك: أنهم يدخلون فيمن يريدون الدنيا، ولكن الله يجزيهم، فقد يكون الجزاء معجلاً أو بعضه معجلاً وبعضه مؤجلاً.