للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أنواع الخوف]

السؤال

فضيلة الشيخ: من أي أقسام الخوف هذه الآية: {إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ} [النمل:١٠]؟

الجواب

هذه من النوع الثاني الذي نزلت فيه الآية الكريمة كما قال: {نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى} [طه:٤٥] يعني: فرعون معروف بجبروته وطغيانه، وكونه استبعد عباد الله فيقتل أبناءهم ويستحيي نساءهم، وادعى أنه هو ربهم.

فالخوف من هذا القبيل، فأخبر جل وعلا أنه يحميه، وأن فرعون لا يفرط عليه ولا يطغى، ولهذا صار يكلمه حسب أمر الله له، أمره أن يقول له قولاً ليناً فقال له قولاً ليناً، قال: {هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى} [النازعات:١٨]، وهل هنا يقصد بها العرض، فصار يعرض عليه حسب أمر الله: {فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى * وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى} [النازعات:١٨ - ١٩] يعني: أكون دليلاً لك إلى الخشية.

هذا أول الأمر، فلما تمادى في الجبروت والغطرسة وقال: {لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا} [الإسراء:١٠١] قال له بشيء يناسب ذلك: {قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا} [الإسراء:١٠٢] ما خافه ولم يبال به؛ امتثالاً لأمر الله جل وعلا، وهو يقوم بالدعوة حسب أمر الله جل وعلا له.

والمقصود أن هذا من هذه القضية، مثلما قال الناس لمحمد صلى الله عليه وسلم {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران:١٧٣] وموسى عليه السلام كذلك.