للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تطير الكفار بالرسل منذ القديم]

قال المصنف رحمه الله: [وقول الله تعالى: {أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} [الأعراف:١٣١]].

الآية في سياق قصة الرسل الذين أرسلهم الله جل وعلا ليدعونا إلى عبادته وتوحيده، فمنهم من قال للرسل: إنا تطيرنا بكم، فقالت لهم الرسل: طائركم عند الله، ومعنى: (تطيرنا بكم) يعني: أن الشيء الذي أصابنا من العذاب أو القحط أو المرض أو الفقر أو ما أشبه ذلك فإنه بسببكم وبعد مجيئكم، فقالت لهم رسلهم: (طائركم عند الله)، يعني: ما أصابكم فهو من الله جزاء أفعالكم، أو أن العذاب سيصيبكم إذا رجعتم؛ بسبب شؤمكم، وبسبب ذنوبكم وأفعالكم، هذا معنى الآية.

قال الشارح رحمه الله: (قوله: وقول الله تعالى: {أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ} [الأعراف:١٣١] الآية)، ذكر تعالى هذه الآية في سياق قوله: {فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ} [الأعراف:١٣١] المعنى: أن آل فرعون كانوا إذا أصابتهم الحسنة أي: الخصب والسعة والعافية -كما فسره مجاهد وغيره- قَالُوا لَنَا هَذِهِ، أي: نحن الجديرون والحقيقون به، ونحن أهله.

وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ، أي: بلاء وقحط، تطيروا بموسى ومن معه، فيقولون: هذا بسبب موسى وأصحابه، أصابنا بشؤمهم.

فقال الله تعالى: {أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ} [الأعراف:١٣١].

قال ابن عباس: (طَائِرُهُمْ): ما قضى عليهم وقدر لهم، وفي رواية: شؤمهم عند الله ومن قبله، أي: إنما جاءهم الشؤم من قبله، بكفرهم وتكذيبهم بآياته ورسله].

ذكر هذا في قصة موسى، وفي قصة الرسل أيضاً، فإن الكفار قالوا لهم: (تطيرنا بكم)، فهذا يدلنا على أن التطير من سنة كفار العرب وغيرهم فهو قديم، وقد ذكر الله جل وعلا عن الكفار الماضين أنهم يتطيرون برسلهم، وأخبر الله جل وعلا أن هذا من الأوهام التي لا حقيقة لها، وأن الشيء الذي يصيبهم إنما هو جزاء أعمالهم، وإن زعموا أنه بسبب شيء يشاهدونه أو يرونه أو يسمعونه، فهذا ليس بصحيح.

بهذا يتبين أن كل من يفعل شيئاً من ذلك فإن قدوته أولئك المتطيرون وهو من جنسهم.

قال الشارح رحمه الله: [قوله: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} [الأعراف:١٣١] أي: أن أكثرهم جهال لا يدرون، ولو فهموا وعقلوا لعلموا أنه ليس فيما جاء به موسى عليه الصلاة والسلام إلا الخير والبركة والسعادة والفلاح؛ لمن آمن به واتبعه.