[أن الله حال بين القبوريين وبين قلوبهم في معرفة حقيقة ما صنعه قوم نوح]
[الرابعة عشرة: وهي أعجب وأعجب: قراءتهم إياها في كتب التفسير والحديث، ومعرفتهم بمعنى الكلام، وكون الله حال بينهم وبين قلوبهم، حتى اعتقدوا أن فعل قوم نوح أفضل العبادات، واعتقدوا أن ما نهى الله ورسوله عنه فهو الكفر المبيح للدم والمال].
المقصود بهذا أنه مع ظهور هذه المسألة ووضوحها، وكونهم يقرءونها في كتب التفسير وغيرها، فإن الله جل وعلا حال بينهم وبين قلوبهم أن يفقهوا ذلك، فوقعوا فيما وقع فيه قوم نوح، واعتقدوا أن هذا الذي وقعوا فيه أفضل العبادات، يعني: أن العكوف على القبور، وسؤال أصحابها، والاستنجاد بهم في الملمات، وطلب جلب المنافع ودفع الضرر من أصحاب القبور، يرون أنه أفضل الأعمال، ويسمونه توسلاً، ويسمونه حباً للصالحين، ومن كراماتهم.
ويقولون: كرامة الصالحين هي ثابتة لهم بعد مماتهم كثبوتها لهم قبل مماتهم في حال حياتهم.
وكل ما يعتمدون عليه دعاوى، وربما اعتمدوا على المنامات والأحلام، وربما اعتمدوا على شيء يأتي به الشيطان لهم ليضلهم ويزيدهم في الضلال، والذي ينهى عن هذا ويأمر بما أمر به رسول الهدى صلوات الله وسلامه عليه يقولون: هو مبتدع! هو ضال! هو خارجي! أو جاء بمذهب خامس، ليس من أهل السنة، وهو من الذين يكفرون المسلمين ويخرجون عليهم.
وهذا معنى قوله: وصار التوحيد عندهم الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من أعظم الضلال، (عندهم) يعني: حسب عقيدتهم.