التعلق يقصد به تعلق القلب، ويقصد به تعلق الفعل، يقصد به هذا وهذا، ومن يعلق تميمة لا بد أن يكون قلبه تعلق بها، وهذا شرك.
والتميمة هي كل ما يعلقه الإنسان على بدنه أو في سيارته أو في بيته، أو في متجره، أو في مصنعه، يريد بذلك أن يدفع عنه عين الإنسان أو أذى الجان أو ينفعه في شيء من المنافع، سواء كان المعلق من القرآن، ومن أسماء الله وصفاته، أو من أسماء الشياطين والجن، أو من الحروف والطلسمات التي يفعلها الكهنة والسحرة وأشباههم من الجهال.
ولكن إذا كان المعلق من القرآن، ومن صفات الله جل وعلا وأسمائه فقد اختلف العلماء في ذلك كما سيأتي، منهم من جوزه وقال: إنه جائز، ومنهم من منعه، وجعله من قسم الممنوع الذي لا يجوز فعله، وسيأتي بحث ذلك في الباب الذي بعد هذا إن شاء الله.
والتميمة سميت تميمة من باب التفاؤل -كعادة العرب- تفاؤلاً بأن من علقها يتم له أمره، كما أنهم يسمون اللديغ سليماً تفاؤلاً بأنه سيسلم، ويسمون الأرض المهلكة التي ليس فيها لا ماء ولا أناس ولا قرى مفازة تفاؤلاً بأن الذي يسلكها سيفوز وينجو، وهذا كثير في كلام العرب، ومنه تسميتهم التميمة تفاؤلاً بأنه سيتم مقصوده، ولهذا دعا النبي صلى الله عليه وسلم على من فعل ذلك ألا يتم الله له أمره، فقال:(من تعلق تميمة فلا أتم الله له) فهذا دعاء من النبي صلى الله عليه وسلم بأن يعامل بنقيض قصده ومراده، وفي هذا دليل على أن من ارتكب معصية أنه يستحق الدعاء، وأنه يعاقب بنقيض ما أراد؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا عليه.
وأما الودع فهو شيء يستخرج من البحر، وهو معروف، ويعلقونه على أولادهم زعماً منهم أنه يقي من أذى الجن، أو يقي من عين الإنسان، وقد يعلقونه على البهائم، وقد يعلق على غير ذلك، ولكن تختلف الأحوال الآن فهناك أمور جدت، المعنى واحد والأسماء اختلفت، فقد يعلق بعضهم الآن سلسلة من صفر أو من فضة، أو خاتماً يوضع فيه فص، أو نحو ذلك، ويزعم أنه ينفع من أمراض معينة، ومن أذى الجن، وأذى الإنسان الذي يصيب بالعين، وقد يؤخذ مثلا ًحلقة من فضة، ويزعم أنها تمنع من البواسير، وقد يجعل في عضده حلقة من صفر، أو سلسلة من نحاس، ويزعم أنها تنفع من الروماتيزم، أو تنفع مما يسمى واهنة، وهي نوع من الروماتيزم، ولكن فيها عقائد جاهلية، كل هذه من أمور الشرك، ومن أمور الجاهلية، ويجب على المسلم أن يطهر نفسه واعتقاده منها، وكذا من له به صلة من أهله وأولاده؛ لئلا تصيبه دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولئلا يعاقبه الله جل وعلا على الشرك.