قوله:(ومن صنع لكم معروفاً فكافئوه)، المعروف هنا مطلق، والمعروف ما عرف بأنه إحسان سواء بذل مال أو عمل بالبدن أو غيره، يعني: يتوسط له في أمر من الأمور، ويسعى معه، فكل ما فيه نفع فهو معروف، ومكافأة صانع المعروف من باب كون الإنسان لا يجعل قلبه متعلقاً بشخص، مأسوراً لشخص، هو من هذا الباب.
(من صنع لكم معروفاً فكافئوه)، فإن لم يكن الإنسان مستطيعاً للمكافأة فيلجأ إلى ربه جل وعلا بأن يكافأ هذا الذي صنع له المعروف، فيدعو له ويجتهد في الدعاء:(حتى يرى أنه قد كافأه)، أو حتى تُروا بضم التاء ومعناه: تظنوا، أما إذا جاءت التاء مفتوحة (حتى تروا) فمعنى ذلك: حتى تعلموا أنكم قد كافأتموه، فيدعو له حتى يعلم أنه كافأه بالدعاء الذي يدعو له، ومعنى ذلك أنه يجتهد في دعاء الله جل وعلا له، هذا إذا لم يجد المكافأة.
والشاهد هنا: تعظيم الله جل وعلا في إجابة السائل به، فإنه من تحقيق التوحيد، فإذا سئل المسلم بالله يجيب ويعطي، ويشترط أن هذا الشيء يستطيعه ولا يضره؛ لأن الضرر في الشرع ممنوع (لا ضرر ولا ضرار).