[اختلاف العلماء في كفر الساحر وذكر الأقوال في ذلك]
قال الشارح رحمه الله: [واختلفوا: هل يكفر الساحر أو لا؟ فذهب طائفة من السلف إلى أنه يكفر، وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد رحمهم الله.
قال أصحابه: إلا أن يكون سحره بأدوية وتدخين وسقي شيء يضر فلا يكفر].
يعني: يكون بأمور طبيعية، وليست موافقة للشياطين.
ومثل هذا أن يعطي للإنسان سماً يضره، فهذا يترتب عليه الحكم حسب ما يقع، ولا يكون كافراً.
أما السحر الذي يكون بتعلم السحر وبواسطة الشيطان فإن صاحبه يكفر.
قال الشارح رحمه الله: [وقال الشافعي: إذا تعلم السحر قلنا له: صف لنا سحرك؟ فإن وصف ما يوجب الكفر مثلما اعتقده أهل بابل من التقرب إلى الكواكب السبعة، وأنها تسأل ما يلتمس منها؛ فهو كافر، وإن كان لا يوجب الكفر؛ فإن اعتقد إباحته كفر].
هذا خلاف الشافعي.
قالوا: إنه خلاف لفظي؛ وذلك أنه لما قال له: (صف لنا سحرك، فإن ذكر ما يوجب الكفر كفر) فالذين خالفوا وقالوا: إن السحر لا ينفك عن الشرك، ولا يكون إلا بالشرك وبطاعة الشيطان وعبادته، وإذا كان في طاعة الشيطان وعبادته فيكون كافراً، فيتبين بهذا أنه يتفق معهم.
وإنما يعني: الكلام في حقيقة السحر.
والسحر يطلق على فعل الساحر، ويطلق على الشيء الذي يصنعه الساحر، والشيء الذي يصنعه من الأدوية ومن العقد وغيرها يقال له: سحر، وفعله يقال له: سحر.
فهذا لا يمكن أن يكون إلا من ساحر يكون مشركاً بواسطة الشياطين يعينونه على ذلك.
قال الشارح رحمه الله: [وقد سماه الله كفراً بقوله: {إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ} [البقرة:١٠٢]، وقوله: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا} [البقرة:١٠٢].
قال ابن عباس في قوله: {إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ} [البقرة:١٠٢]: وذلك أنهما علما الخير والشر والكفر والإيمان فعرفا أن السحر من الكفر].