قال المصنف رحمه الله:[قال ابن القيم: النشرة: حل السحر عن المسحور وهي نوعان: أحدهما: يحل بسحر مثله، وهو الذي من عمل الشيطان، وعليه يحمل قول الحسن، فيتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب، فيبطل عمله عن المسحور.
قوله:(يتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب فيبطل عمله) يعني: أن الشيطان يبطل عمله.
والواقع أن السحر يكون من الإنسان بواسطة الشيطان، والسحر يخفيه الساحر كثيراً كما هو الواقع، والشيطان يطلب شيطاناً آخر، وإذا أراد أن يسحر يذكر اسمه ويمدحه ويثني عليه ويدعوه بأشياء فيها خضوع وذلة واستكانة له، فيدعو هذا الشيطان ثم هذا الشيطان يستخدم شيطاناً آخر أضعف منه ويجعله واسطة بينه وبين المسحور، فيعمل السحر بعدما يتقرب إليه الساحر بالأشياء التي يأمره بها، ولو أن يبقى في بيت مظلم في وقت من الأوقات، وإلا فالغالب أنه يأمره بذبح شاة أو دجاجة أو ما أشبه ذلك، أو قد يأمره بالسجود له، ولا يفعل شيئاً إلا إذا فعل ما يطلب منه، ثم إذا فعل ذلك أمره بعمل السحر، والسحر يكون بأشياء يجمعها من شعر وعظام ونشارة خشب وبرادة حديد وما أشبه ذلك، فينفث فيها، ثم يضعها في شيء من الأشياء ويربطها، وقد يحرص عليها جداً؛ لأنها إذا ظهرت وألقيت بطل سحره، ثم يرسل الشيطان شيطاناً آخر إلى من يراد سحره، فإن كان هذا الذي يراد سحره ممن يكثر من الأوراد والأدعية الشرعية وممن هو على اتصال دائم بالله جل وعلا، فإنه لا يستطيع أن يسحره إلا إذا غفل؛ ولذلك يراقبه حتى يغفل، فعند ذلك يبدأ بسحره، ثم يصير واسطة بينه وبين الساحر والشيطان ويخبره عن الأمور التي تحدث فيه، هذا هو عمل السحرة غالباً، والسحر أنواع كثيرة، فإذا جاء المسحور إلى الساحر أمره الساحر بعمل يرضي شيطانه الذي عمل له السحر كأن يقول له: اذبح ذبيحة وضع بها كذا وكذا، بحيث تكون هذه الذبيحة للشيطان، وهذا كفر بالله جل وعلا، والشيطان يكفيه هذا الفعل؛ لأن الذبح لغير الله ردة ومن الكفر -نسأل الله العافية- فإذا عمل ذلك رضي الشيطان وأبطل عمله، وهذا معنى قوله:(يتقرب الساحر والمسحور إلى الشيطان؛ فيبطل الشيطان عمله)؛ لأن المسحور جاء بشيء يرضي الشيطان، والشيطان يعمل السحر لأجل هذا، فهو يحرص على إضلال الإنسان بأي وسيلة كانت.