للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الرد على من يحملون نصوص الوعيد على التكفير]

قال الشارح رحمه الله: [قوله: (وعن أبي موسى) هو عبد الله بن قيس بن سليم بن حضّار بفتح المهملة وتشديد الضاد، أبو موسى الأشعري، صحابي جليل، مات سنة خمسين.

قوله: (ثلاثة لا يدخلون الجنة)، هذا من نصوص الوعيد التي كره السلف تأويلها، وقالوا: أمروها كما جاءت، ومن تأولها فهو على خطر من القول على الله بلا علم].

وهذا القول هو الصحيح، والناس فيها على مذهبين: أحدهما راجح، والآخر باطل قطعاً، والمذهب المختار هو الذي ذكره هنا، أما المذهب الباطل قطعاً فهو مذهب الخوارج، الذين يجعلون هذه النصوص دليلاً على كفر مرتكب الكبيرة، وهذا باطل بلاشك.

وهناك مذهب أهل التأويل الذين يقولون: هذا جزاؤه لو جازاه، ولكن الله يخلف الوعيد، وأما الوعد فإنه لا يُخلفه، ويقولون: هذا جزاؤه أيضاً لو استحله، وهذا ليس عليه دليل.

والواقع أن الإنسان في هذا القول على خطر عظيم؛ لأنه قد يكون قال على الله ما لم يقل، فالصواب أن يقول الإنسان أمام هذه الأشياء: الله أعلم بمراده، وعلينا أن نؤمن بها ونحذر، ونقول: الله أعلم بمراده.

أما مرتكب الكبيرة -على مذهب أهل السنة- إذا لم يستحل الفعل المحرم المجمع على حرمته فهو مسلم، أما إذا استحله فهو بالاتفاق كافر، ومثله من حرم حلالاً معروفاً من الشرع أنه حلال فإنه يكون كافراً، وهذا لا خلاف فيه.

أما كون قولنا: القول الصواب في هذه النصوص الوعيدية أن نقول: الله أعلم بمراده فهو لأمرين: الأمر الأول: أنه أسلم، فإن من تأوله على خطر.

والأمر الثاني: أنه أدعى للانزجار والانكفاف عن فعل هذه الأمور وهذه المعاصي، وهذا هو الذي أراده الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الأخبار؛ فإنه أراد أن يكون ذلك مانعاً من فعل واقتراف هذه المعاصي، بخلاف التأويل فإنه يقلل من خطرها.