ثم إن فيه أيضاً سنة الدعوة قبل المباشرة بالقتال، وإن كان الناس فهموا الدعوة وعرفوها، إلا أنه يسن أن تعاد عليهم الدعوة قبل أن يبدأ في القتال، وهذه سنة وليست واجباً، بخلاف ما إذا كان القوم ما بلغتهم الدعوة، فلا يجوز قتالهم بحال من الأحوال حتى تبين لهم الدعوة ويدعون، فإذا أصروا على الكفر وأبوا الدخول في الإسلام هناك يقاتلون، ونصر الله جل وعلا مع المؤمنين.
ولهذا كان الصحابة رضوان الله عليهم أول ما يبدأون بالدعوة وإن كان القوم قد بلغتهم الدعوة، ولكن إذا كانوا يستعدون لقتال المسلمين وقد بلغتهم الدعوة فيجوز أن يباغتوا، بل هذا هو المستحب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أغار على بني المصطلق وهم غافلون، فقتل مقاتلتهم وسبى أموالهم ونساءهم؛ وهذا لأنهم كانوا يستعدون لمقاتلته صلوات الله وسلامه عليه.