قال الشارح رحمه الله تعالى:[وفيه أن العمل لا ينفع إلا إذا كان خالصا لوجه الله تعالى على ما شرعه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم].
هذان الأمران لابد منهما في جميع الأعمال، أي: كون العمل يكون خالصاً لله، وكونه يكون على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل عمل، أما إذا تخلف شرط من هذين في عمل من الأعمال فهو مردود على صاحبه، كما إذا وجد الشرك في العمل، وليس معنى هذا أن الإنسان إذا أشرك في عمل من الأعمال يكون جميع عمله حابطاً، وإنما يكون ذلك العمل الذي قارنه الشرك حابطاً باطلاً، وإذا تاب تاب الله عليه، وإذا عمل أعمالاً خالصة لله قبلها الله جل وعلا بشرط ألا يكون فيها شرك.
أما العمل الذي يقارنه شرك، مثل إنسان أخرج صدقة ولكنه يريد بإخراجه أن يمدح ويثنى عليه فيقال: هو يتصدق، وهو جواد، وهو كريم فإن مثل هذا غير مقبول، ولا يقبله الله جل وعلا؛ لأنه أراد قول الناس، وأراد ثناءهم ومدحهم، فصدقته هذه حابطة ليس له منها شيء.
وكذلك لو صلى وحسَّن صلاته لأن الناس ينظرون إليه فيثنون عليه ويمدحونه فيقولون: هو يصلي بخشوع، وهو تقي، وهو يقبل على صلاته بأدب.
فهو يريد مدح الناس، ويريد أن يثنوا عليه ويمدحوه، ثم يريد أن يحبوه على ذلك، فإنه ليس له إلا ما أراد، فصلاته مردودة عليه؛ لأنه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(إن الله جل وعلا يقول: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه).
أي: تركت ذلك العمل وشركه.
أي: وشريكه الذي أشرك.
فيصير العمل خالصاً لذلك الشريك، ولهذا إذا كان يوم القيامة يقول الله له:(اذهب إلى من أشركته في العمل فاطلب أجرك منه)، فليس له شيء، فلا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً لله جل وعلا.
ثم لو حدث مثل هذا، كإنسان حسن صلاته وزينها وتأدب فيها لأجل نظر آخر فليس معنى ذلك أن أعماله كلها حابطة، ولكن هذا العمل الذي زينه لأجل نظر الإنسان مردود عليه، أما إذا عمل أعمالاً خالصة لله فهي مقبولة تقبل، وإن كان يعاقب على كونه يشرك بالله جل وعلا؛ لأن هذا من المحرمات العظام، فلا يجوز أن يقصد بالعمل غير الله جل وعلا.