وفي آية أخرى يقول جل وعلا:{وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}[آل عمران:١٦٩] ومعنى يرزقون: أنهم يتنعمون بالأكل والشرب وغيره، وهذا شأن الحي.
وليست الحياة بالروح كما يتصور بعض الناس: أن حياة الشهيد حياة بالروح؛ لأن الروح لا تموت، فحياة الروح يستوي فيها المؤمن والكافر والبر والفاجر، وروح كل إنسان لا تموت وإنما تفارق البدن، ولابد أن تكون الحياة التي ذكرها الله جل وعلا للشهداء غير حياة الروح، ولهذا يبقى بدن الشهيد طرياً ولا تأكله الأرض ولا يكون كغيره، وهذا قد شوهد كثيراً، ومن المعروف أن أرض المدينة ليست كالأراضي الأخرى؛ لأنها سبخة وتأكل ما وضع فيها بسرعة، ومع ذلك فإن شهداء أحد وجدوا بعد أربعين سنة أو بعد ستين سنة في مناسبات معروفة، ومرة أخرج السيل بعضهم، ومرة حُفر ليزالوا عن طريق عين أجريت من هناك فوجدوا كما هم ودماؤهم طرية كما هي، وهذا من معاني كونهم أحياء، وليست الحياة على البدن فقط، وأنه لا تأكله الأرض، بل هي أعم من هذا، فهم كما قال جل وعلا:{عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}[آل عمران:١٦٩].
وقد ذكر العلماء أشياء عجيبة غريبة من هذا القبيل.
والشيخ العالم المجاهد ابن النحاس رحمه الله في كتابه مصارع العشاق في ذكره للجهاد في سبيل الله، ذكر قصصاً من هذا القبيل فيها مشاهدة لعلماء كبار مما يدل على أن حياة الشهيد محسوسة وليست معنوية.