وقوله:(فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) يعني: فإن الأمر والشأن أن دعوة المظلوم مستجابة.
ومعنى (ليس بينها وبين الله حجاب) أنها تستجاب وأن الله يستجيبها، ويوقع في الظالم ما دعا على المظلوم.
وهذا وإن كان مقيداً بقوله جل وعلا فيما أخبر بأنه يستجيب لمن يشاء فإنه خبر صدق عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد جرب ذلك لأكثر العالمين، أن المظلوم إذا دعا يصاب الظالم بالدعوة ولو كان المظلوم فاجراً، ولو كان فاجراً ففجوره على نفسه، ولكن الله جل وعلا لا يقر الظلم، ولهذا يقول العلماء: من عادة الله جل وعلا أن الله لا يترك ظالماً يتمادى في حياته وفي سعيه، حتى الدول، فالدول إذا صارت تظلم الشعوب وتظلم الناس فإن مدتها لن تطول، وسوف تزول، بخلاف الدول العادلة التي تعدل وإن كانت كافرة فإن مدتها قد تطول وإن كانت كافرة، وذلك أن الظلم لا يقره الله جل وعلا في حالة من الحالات، فقد حرمه على نفسه وجعله بين عباده محرماً، ومن أعظم الإجرام أن يتطاول متطاول بقوته وسلطته على ضعيف ليس له ناصر ولا حيلة له إلا أن يرفع يديه إلى السماء ويقول: يا رب يا رب.
ولهذا لا يتركه الله جل وعلا، فمن فعل به ذلك لم يفلت الله جل وعلا الظالم.
ثم هذا يدلنا على أن أخذ الزائد على الحق في الزكاة ونحوها يكون ظلماً؛ لأن هذا هو سبب ورود هذه الكلمة؛ لأنه قال: فإذا بذلوا لك ما طلبت منهم في الزكاة فإياك وكرائم أموالهم.
والكرائم من المال عرفنا أنها أطايبه وأحاسنه، فأخذها زكاة ظلم يستحق عليه الآخذ الدعاء من المظلوم وقمن أن يستجاب له.