للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[معنى قوله تعالى: (ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها)]

قال المصنف رحمه الله: [الثالثة: تفسير آية الأعراف: {وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا} [الأعراف:٥٦]].

يعني أنها مثل آية البقرة، إلا أن آية الأعراف أعم؛ لأن آية البقرة في المنافقين، وأما تلك فهي عامة، بل جاءت في خطاب المؤمنين، فإن الله جل وعلا يقول فيها: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ * ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف:٥٤ - ٥٦].

فهي عامة، والخطاب فيها للمؤمنين، فتبين بذلك أن كل معصية يُعصى الله بها جل وعلا بها فهي فساد في الأرض، والصلاح في الأرض يكون بالأنبياء؛ لأن الأنبياء هم الذين يأتون بصلاح الأرض، وهم الذين يأمرون بالطاعة ويدلون عليها ويزينونها ويذكرون وعد الله عليها، ويكونون أدلاء على الله، والذين يعبدون الله جل وعلا إنما هم بسببهم، وكل خلاف يقع لهم فهو فساد في الأرض.