للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[البناء على القبور ليس من الإسلام]

قال الشارح رحمه الله: [قال محمد بن إسماعيل الصنعاني رحمه الله في كتابه تطهير الاعتقاد: فإن هذه القباب والمشاهد التي صارت أعظم ذريعة إلى الشرك والإلحاد، وأكبر وسيلة إلى هدم الإسلام وخراب بنيانه: غالب بل كل من يعمرها هم الملوك والسلاطين والرؤساء والولاة، إما على قريب لهم أو على من يحسنون الظن فيه، من فاضل أو عالم أو صوفي أو فقير أو شيخ أو كبير، ويزوره الناس الذين يعرفونه زيارة الأموات من دون توسل به، ولا هتف باسمه، بل يدعون له ويستغفرون، حتى ينقرض من يعرفه أو أكثرهم فيأتي من بعدهم فيجد قبراً قد شيد عليه البناء، وسرجت عليه الشموع، وفرش بالفراش الفاخر، وأرخيت عليه الستور، وألقيت عليه الأوراد والزهور؛ فيعتقد أن ذلك لنفع أو دفع ضر، وتأتيه السدنة يكذبون على الميت بأنه فعل وفعل، وأنزل بفلان الضر وبفلان النفع حتى يغرسوا في جبلته كل باطل.

والأمر ما ثبت في الأحاديث النبوية من لعن من أسرج على القبور وكتب عليها وبنى عليها، وأحاديث ذلك واسعة معروفة، فإن ذلك في نفسه منهي عنه].

مثل هذا الحديث: أنه لعن زائرات القبور والمتخذين عليها السرج، ومقصود الصنعاني رحمه الله أن البناء على القبور ليس من الإسلام في شيء، ولا يمت إلى شيء من الأدلة، وإنما يفعله أناس جهلة أصحاب ثروات أو أصحاب سلطة، ويكون ذلك تعظيماً لقريب لهم ليميزوه؛ لأنه كان متميزاً في حياته فيريدون أن يميز عن الأموات، فيبنون عليه البناء، ويوقدون عليه السرج، وربما وضعوا عليه الفرش، وصار له خدم ينظفون مكانه، ويدعون إلى زيارته، ويلقون على من يأتي إليه من وساوس الشيطان التي يعظم بها الشرك، حتى يخرج الإنسان من دين الإسلام إلى دين المشركين، فإذا قدر أن هذا لأجل تعظيم الميت وإكرامه حسب ما يزعمون أولاً؛ فإن هذا لا يستمر، بل يزول إذا زال أولئك، ثم يأتي من بعدهم ويجد القبر بهذه الحالة فيقر في قلبه أن هذا لأجل نفع من صاحب القبر أو دفع بلاء لمن توجه إليه إذا عظم، وهذا الذي ذكره لا يزال موجوداً في كثير من بلاد المسلمين للأسف، فيتجهون إلى القبور، ويسألون أربابها تفريج الكروب، وكشف الخطوب، والنفع والدفع، وهي رميم لا تسمع ولا تملك شيئاً، مع مخالفة ذلك لأصل الدين الإسلامي الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه جاء بوجوب عبادة الله وحده، وأن تكون العبادة خالصة له جل وعلا، ولا يتعلق قلب الإنسان بمخلوق؛ لأنه يكون بذلك شريك لرب العالمين {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن:١٨]، وأمر الله جل وعلا بالإخلاص {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة:٥]، والدين كل ما يتدين به، ويرجى أن يثاب عليه المرء إذا عمله أو يعاقب إذا تركه، فيجب أن يكون هذا كله لله جل وعلا، ليس لأحد من الأموات ولا من الأحياء.