قال الشارح رحمه الله تعالى: [وروى ابن خزيمة في صحيحه عن محمود بن لبيد قال: (خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أيها الناس! إياكم وشرك السرائر، قالوا: يا رسول الله! وما شرك السرائر؟ قال: يقوم الرجل فيصلي، فيزين صلاته لما يرى من نظر الرجل إليه، فذلك شرك السرائر)].
سمي شرك السرائر؛ لأنه سر لا يعلمه إلا الله، فهو كامن في نية الإنسان، والنية هي التي تبعث على الأعمال، ومحلها القلب الذي هو منشأ الأعمال؛ لأنه ملك الأعضاء، والعمل يكون مترتباً على النية، فهي سرٌ لا يعلمها إلا من يعلم خفي الأمور جل وعلا، وإن كان الغالب أن الذي يرائي لا يخفى على الناس؛ ولهذا يعرفه كثير من الناس حتى يقال: هذا مراء، ولو لم يقل ذلك أو ينشره، فإن الله جل وعلا يظهره من آثار أعماله وأقواله، ويعرف في لحن القول وفي سيما العمل، وقد لا يظهر إلا قليل منه، والكثير يكون خافياً، ولكن الواجب على الإنسان أن يراقب ربه، ولا يكون للناس في عمله قدر ولا نصيب، ولهذا كان أمير المؤمنين عمر يدعو ربه ويقول:(اللهم! اجعل عملي لك خالصاً، ولا تجعل لأحد من خلقك منه شيئاً).
الإنسان لا يستطيع أن يكون سالكاً الطريق المرضي إلا بتوفيق الله.