للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تقييض الله للحق طائفة تنصره إلى أن يأتي أمره]

الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق منصورة، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك) يعني: على الحق: قائلين به، قائمين به، عاملين به، بعض العلماء يقول: إن هذه الطائفة يجوز أن تكون أمة كبيرة، لها جيوشها ولها نظامها ولها إمامها، ويجوز أن تكون فرقة من المؤمنين، مختلفة ما بين عالم وعابد، وما بين منفق ومجاهد، ويجوز أن يكونوا مجتمعين في مكان، ويجوز أن يكونوا متفرقين، ويجوز أن يكونوا في بلد دون آخر، ويجوز أن يكونوا متنقلين من بلد إلى آخر.

المقصود أنه لا بد من وجود من يقوم بحجة الله على خلقه، حتى يأتي أمر الله، وهو ما ثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يوشك أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً عدلاً مقسطاً، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ولا يقبل إلا الإسلام)، فينزل بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، فيكون من أمة محمد عليه الصلاة والسلام، وهو الذي يقتل الدجال الأعور، الكذاب الأكبر، الذي هو إمام اليهود وكبيرهم الذي ينتظرونه، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر صفاته كأنك تشاهده، وأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستعيذ من فتنته في كل صلاة لعظمها، وأخبر صلوات الله وسلامه عليه أنه ما ترك بعده على أمته أشد من فتنة الدجال؛ لأنه يأتي بفتن وبلايا عظيمة؛ ولهذا جاء في الحديث الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال: (إذا سمعتم به فانأوا عنه، فإنه يأتيه الرجل وهو واثق بإيمانه، فيتبعه لشدة لما معه من الفتن).

المقصود أن عيسى عليه السلام هو الذي يقتله في الشام، ينزل من السماء بين جناحي ملكين فيقتله، ثم يقيم شرع محمد صلى الله عليه وسلم، ثم بعد حدوث أمور ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبضه الله إليه، ثم بعد ذلك -كما في صحيح مسلم - تأتي ريح من قبل اليمن؛ فتقبض روح كل مؤمن ومؤمنة، فلا يبقى في الأرض إلا شرار الناس، لا يعرفون معروفاً، ولا ينكرون منكراً، يتهارجون تهارج الحمر، فعليهم تقوم الساعة، هذا هو أمر الله الذي ذكر في هذا الحديث.

ومن هذا ما جاء في الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (شرار الناس الذين يتخذون المساجد على القبور، والذين تدركهم الساعة وهم أحياء) هؤلاء هم شرار الخلق.

فالمقصود أن الحق ثبت رغم ما أراد الأعداء من إفساده، والواجب على العبد أن يعتصم بكتاب الله وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في العقيدة والعمل؛ في العقيدة التي هي باب العلم بالله ومعرفته، وباب العمل الذي يعمله الإنسان.

إذاً: معنى قوله جل وعلا: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الزمر:٦٧] يعني: معناه: ما عظموه التعظيم الذي يستحقه، حيث وصفوه بما يتعالى ويتقدس عنه من كونه له شريك في الإلهية، أو له نظير في أسمائه وأوصافه.