للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نصيحة تارك الصلاة والمتهاون بها]

السؤال

هل يسلم على من لا يصلي أم يقاطع؟

الجواب

الذي لا يصلي يجب أن يدعى إلى الله، ويذكر بالله ويخوف، وأما المقاطعة النهائية فلا تصلح إلا إذا تبين أنه لا فائدة من كلامه ودعوته، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يدعو رؤساء الكفرة الصناديد فيقول لأحدهم: يا أبا فلان! ويكنيه بكنيته، يا أبا فلان! ألا تسمع مني؟ فإن قال: بلى تلا عليه شيئاً من القرآن، فإن قال: لا حاجة لي في ذلك تركه.

وهذا كان في مكة لما كانت السيطرة للكفار، فإذا كان للإنسان قريب أو صديق أو من يعرفه وهو لا يصلي فينبغي أن يحاول بكل ما يستطيع أن يوجد في قلبه باعثاً على الصلاة بالتخويف والنصيحة، وبالوسيلة التي يرى أنها مناسبة، والوسائل المناسبة تختلف باختلاف الناس، واختلاف المقامات، فلا يقابله بالمعاداة وإظهار البغضاء إلا إذا رأى أنه لا فائدة فيه، ولا يلزم كونه ينصحه ويكون كلامه بالرق أن يكون هذا فيه مودة له، فالمودة في القلب وهذه دعوة، الله عز وجل أمر كليمه وأخاه هارون أن يقولا لأشر الناس: {قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه:٤٤]، فامتثل موسى وقال له: {هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى} [النازعات:١٨] (هل لك): يعرض عليه عرضاً رقيقاً، ويقول: {هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى * وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى} [النازعات:١٨ - ١٩] يقول: أصير دليلاً لك حتى ترى الطريق الذي فيه خشية الله وسعادته، ولكن إذا جاء العناد والتكبر ورد الحق والمكابرة فيكون مقاماً آخر؛ ولهذا لما قال له في مقام آخر: {إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا} [الإسراء:١٠١] قال له: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا} [الإسراء:١٠٢] يعني: رد عليه الرد المناسب في المقام المناسب، وهكذا ينبغي للإنسان أن يكون على هذه الصفة.

فإذا كانت الدعوة بالكلام اللين يجدي وينفع فهو أولى وأحسن، ثم ينبغي أن يكون أمام الإنسان شيء دائماً وهو أن تكون أعماله لله جل وعلا، يقصد بها وجه الله، ثم يكون عنده رحمة للخلق، فهذا المسكين الذي سوّل له الشيطان وغره يرحمه أن يقع في النار، ويحاول أن ينقذه، والمحاولة هذه طاعة لله جل وعلا، ودعوة إليه تعالى.