للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير آية آل عمران وآية براءة]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [فيه مسائل: الأولى: تفسير آية آل عمران].

المقصود بآية آل عمران قوله جل وعلا: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران:١٧٣]، وسبق سبب نزولها، وأنها متصلة في النزول بما بعدها: {إِنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ} [آل عمران:١٧٥]، وسبق أن المعنى: يخوفكم بأوليائه: بأن يعظمهم في صدروكم، ويبرز قوتهم، وأن عندهم قوة وجبروتاً وعندهم وعندهم، وكل هذا من تخويف الشيطان، والذي يجب أن يخاف منه هو الله وحده جل وعلا، فإذا خاف الإنسان ربه فإن كل المخلوقين لا يساوون شيئاً، فمادام أن الإنسان عبد لله، يخاف الله ويخشاه، فلا يرهب جانب المخلوق، ولكنه يتق الله ربه في المخلوق، فلا يحقره ولا يظلمه، بل يفعل ما أمره الله جل وعلا به؛ لأنه عبد لله.

[المسألة الثانية: تفسير آية براءة].

آية براءة أيضاً: مر تفسيرها، وكذلك عرفنا معناها، والمقصود بها، وأنها تتفق مع آية آل عمران.

[المسألة الثالثة: تفسير آية العنكبوت].

وكذلك آية العنكبوت تقدمت قريباً، وهي قوله جل وعلا: {وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} [العنكبوت:١٠]، يعني: أنه يفر مما يناله من أذى الناس -في طاعة الله وفي إيمانه- فيوافقهم على المعصية؛ خوفاً من أذاهم، مستهيناً بعذاب الله جل وعلا، ومثل هذا كمن يفر من الرمضاء إلى النار، إلى نار جهنم، والناس لابد أن ينالهم الأذى في هذه الحياة؛ لأن هذه الحياة طبعت على الأكدار، ولا تصفو لأحد، إلا للمؤمن فقط، وصفوها: أنه يكون مطمئناً بربه، راضياً بما يقدر له، سائراً في طريقه إلى الحياة الأبدية، متصلاً بربه، إن مسه ضر دعاه، وإن نالته نعمة شكره وعبده وأناب إليه، فيكون في ذلك مرتاحاً مطمئناً سعيداً، أما من يظن أن لن يناله أذى في هذه الدنيا أبداً، فهذا مستحيل، وطن خاطئ.