[التوكل أصل جميع مقامات الإيمان والإحسان وأعمال الإسلام]
قال رحمه الله تعالى:[فجعل دليل صحة الإسلام التوكل، وكلما قوي إيمان العبد كان توكله أقوى، وإذا ضعف الإيمان ضعف التوكل، وإذا كان التوكل ضعيفاً كان دليلاً على ضعف الإيمان ولابد، والله تعالى يجمع بين التوكل والعبادة، وبين التوكل والإيمان، وبين التوكل والتقوى، وبين التوكل والإسلام، وبين التوكل والهداية.
فظهر أن التوكل أصل لجميع مقامات الإيمان والإحسان، ولجميع أعمال الإسلام وأن منزلته منها كمنزلة الرأس من الجسد، فكما لا يقوم الرأس إلا على البدن فكذلك لا يقوم الإيمان ومقاماته وأعماله إلا على ساق التوكل].
يعني: أن التوكل هو البدن والرأس هو الإيمان، فمعلوم أن الرأس يعتمد على البدن فكذلك الإيمان يعتمد على التوكل، فإذا بطل التوكل بطل الإيمان؛ لأنه لا يوجد رأس بلا بدن.
[قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: [وما رجا أحد مخلوقاً ولا توكل عليه إلا خاب ظنه فيه؛ فإنه مشرك:{وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ}[الحج:٣١]].
قال الشارح رحمه الله تعالى:[قلت: لكن التوكل على غير الله قسمان: أحدهما: التوكل في الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله.
كالذين يتوكلون على الأموات والطواغيت في رجاء مطالبهم: من نصر أو حفظ أو رزق أو شفاعة، فهذا شرك أكبر.
الثاني: التوكل في الأسباب الظاهرة، كمن يتوكل على أمير أو سلطان فيما أقدره الله تعالى عليه من رزق أو دفع أذىً ونحو ذلك، فهذا نوع من الشرك الأصغر.
والوكالة الجائزة: هي توكيل الإنسان في فعل ما يقدر عليه نيابةً عنه، لكن ليس له أن يعتمد عليه في حصول ما وكل فيه، بل يتوكل على الله في تيسير أمره الذي يطلبه بنفسه أو نائبه وذلك من جملة الأسباب التي يجوز فعلها ولا يعتمد عليها، بل يعتمد على المسبب الذي أوجد السبب والمسبَّب].