ثم كلما ابتعد الوقت ازداد الأمر بعداً، فتجد الآن في كثير من بلاد المسلمين لهجات بعيدة عن العربية، بل بعض العرب أنفسهم لا يفهمون بعضاً، وكل هذا لأنهم لا يعتنون باللغة العربية الفصحى، لا اللغة التي تحصل بها المخاطبة للناس كلهم على أشياء يتفقون عليها ويتخاطبون ويتفاهمون فيها؛ ولكن المقصود أن لغة القرآن ولغة الرسول صلى الله عليه وسلم، يجب أن تتَعَلَّم وأن يُحْرَص عليها؛ لأن الإنسان لن يفهم خطاب الله جلَّ وعلا وخطاب الرسول صلى الله عليه وسلم إلَّا بذلك، حتى ولو تُرجمت له المعاني، فالترجمات تختلف، وكثير من العلماء يقول: ترجمة القرآن مستحيلة؛ لأن ما يترجم هو بعض كلام المفسرين، وقد تكون الترجمة خطأً، فيصبح هذا الذي يقرأ الترجمة يبتعد أكثر مما لو تُرك حتى يقيض الله جلَّ وعلا له من يفهِّمه.
والمقصود: أنه لا يمكن للإنسان أن يعرف الحقوق الواجبة التي أوجبها الله جلَّ وعلا عليه تمام المعرفة التي يتيقن بها إلَّا إذا تعلم هذه اللغة وعرفها.
أقول ذلك لأن وقوع كثير من الناس في عبادة القبور وعبادة الأولياء هو بسبب الجهل باللغة العربية، وهناك عوامل أخرى لأغراض معينة لأناس معينين: أهل رئاسة، وأهل مناصب، وكذلك الذين يريدون الاستيلاء على أموال الناس ولو بالباطل، وهم يعرفون الحق، ويزينون لهم عبادة القبور، ويجعلون لها من طرق التعظيم والوسائل التي تجلب الناس الشيء الكثير، ويكونون مباشرين أو غير مباشرين، حتى يمكنهم أن يسلبوا أموال الناس التي تقدم إلى هذه القبور، باسم النذور وحقوق الأولياء والقرابين التي تقدم، لأجل ذلك.