للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر ما حصل للناس بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم]

ثم لما توفي صلوات الله وسلامه عليه حصل الارتداد لكثير من الناس، ولم يثبت على الدين الإسلامي إلا عدد قليل في مكة والطائف والمدينة وكذلك البحرين، أما بقية المدن فكلهم ارتدوا، وعلى هذا يحمل الحديث الذي جاء في الصحيحين من قوله صلى الله عليه وسلم وهو على حوضه يوم القيامة: (ليردن عليَّ الحوض رجال من أمتي أعرفهم بسيماهم) -لأنه أخبر أنه يذود عن حوضه من ليس من أمته- قالوا: كيف تعرفهم؟ قال: (يردون عليَّ غراً محجلين من آثار الوضوء)، وهذا من خصائص هذه الأمة، ثم قال صلى الله عليه وسلم: (فيحال بيني وبينهم فأقول أصحابي فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، إنهم لم يزالوا مرتدين، فأقول: سحقاً سحقاً) وفي رواية: (فأقول كما قال العبد الصالح: وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم، فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم) فهؤلاء هم الذين ضعف إيمانهم، وقد شاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حياته مرة، ولكن إيمانهم لم يثبت.

أما الذين صحبوه وشاهدوا نزول الوحي، وجاهدوا معه، فهؤلاء قد برأهم الله جل وعلا من ذلك، وطهرهم وأثنى عليهم الثناء الحسن الجميل، وأخبر أنه رضي عنهم ورضوا عنه في آيات كثيرة، ولا يثنى الله جل وعلا على من يعلم أنه سيرتد لأنه علام الغيوب.