من كان يأكل الحرام ويتعامل بالحرام فإن هذا من أعظم موانع إجابة الدعاء؛ ولذلك يقول صلى الله عليه وسلم:(أنى يستجاب له؟)، والسبب أن مطعمه حرام، ومشربه حرام، وغذي بالحرام، فالحرام أحد الموانع.
الثاني من الموانع: أن الإنسان يستبعد أن يستجاب له، يدعو وهو يظن في نفسه أنه لا يستجاب له، لهذا جاء الأمر بالدعاء مع اليقين:(ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة).
من الموانع: أن الإنسان يدعو فيستعجل الدعاء ثم يترك، يدعو ثم يدعو ثم يقول: لم أجب؛ فيترك الدعاء، فهذا أيضاً من الموانع.
جاء أن الإنسان يستجاب له ما لم يستعجل، يقول: دعوت فدعوت فلم يستجب لي.
وربما يكون في ذلك خير أراده الله جل وعلا له، فيفتح عليه باب مسألة ربه جل وعلا، فيلح ويكثر من السؤال، ويكون ذلك خيراً فتح عليه.
الرابع من الموانع: أن يبالغ في الدعاء، مثل أن يسأل سؤالاً لا يليق به، كأن يسأل أن يعطى ما يعطى الأنبياء من الدرجات، والأنبياء لهم درجة خاصة، أو مثلاً يسأل شيئاً ليس له كأن يقول: أسألك القصر المعين الذي فيه كذا وفيه كذا وفيه كذا الذي في أعلى الجنة أو في الجنة أو عن يساره أو في المكان الفلاني أو غير ذلك، هذا اعتداء وعدوان، أو يسأل الله قطيعة رحم؛ ولهذا جاء أن الإنسان إذا سأل يستجاب له ما لم يعتد أو يسأل قطيعة رحم، وغير ذلك من موانع عدم الإجابة.
أما إذا خلا الإنسان من هذه الموانع فإنه لا يخلو من الأمور الثلاثة التي ذكرناها: إما أن تعجل له دعوته ويراها، وإما أن يدفع عنه من الشر ما هو أعظم مما دعا، وإما أن تدخر له هذه المسألة يوم القيامة، فيجدها أحسن مما لو أعطيها في الدنيا، والله كريم عليم بما يسر عبده، ولطيف به، قد يمنعه شيئاً يسأله، فيكون المنع خيراً له.
قال الشارح رحمه الله: [قوله: ولـ مسلم (وليعظم الرغبة) أي: في سؤاله لربه حاجته، فإنه يعطي العظائم كرماً وجوداً وإحساناً.
فإن الله تعالى لا يتعاظمه شيء أعطاه أي: ليس شيء عنده يعظم، وإن عظم في نفس المخلوق؛ لأن سائل المخلوق لا يسأله إلا ما يهون عليه بذله، بخلاف رب العالمين، فإن عطاءه كلام:{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[يس:٨٢]، فسبحان من لا يقدر الخلق قدره، لا إله غيره ولا رب سواه].