أما الطعن في النسب فمثل أن يقول: فلان ليس أبوه فلاناً، أو أن يقول مثلاً: فلان وضيع النسب، وفيه كذا، فطعن في نسبه؛ لأن هذا من أمور الجاهلية، والإسلام جاء بالتعاليم التي ترضي الجميع، قال الله جل وعلا:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}[الحجرات:١٣] بغض النظر عن الشعوب والقبائل والأصحاب، فلان من قبيلة كذا وفلان من قبيلة كذا فمن كان أتقى لله فهو الكريم عند الله، بغض النظر عن النسب واللون، وعن الانتماء إلى طائفة معينة أو غيرها.
وكذلك الطعن في الأشخاص أنفسهم هو من أمر الجاهلية الذي هو كفر، كونه يطعن فيه بأنه قصير أو دقيق أو بأن فيه آفة أو ما أشبه ذلك، هذا لا يجوز، وهو داخل في النهي الوارد في الحديث.
وكذلك في أي شيء لا دخل للإنسان فيه، فإنه في الواقع يعيب ربه ولا يعيب الإنسان؛ لأن الإنسان لا دخل له في ذلك، فمثلاً إذا قال: هذا وجهه طويل، وهذا وجهه دقيق، وهذا وجهه عريض، أو خشمه طويل أو أعور أو فيه كذا فإن هذا عيب لمن أوقع ذلك به تعالى وتقدس، فلا يجوز، بخلاف ما إذا كان هذا من باب التعريف فقط، كأن لا يعرف إلا بذلك، كقولهم: الأعمش أو الأعرج للذي يعرف بهذا الشيء، ويؤتى ذلك للتعريف لا للعيب، أما إذا ذكر للعيب فهو ذنب، وقد يكون كبيراً حتى وإن كان إنساناً مثلاً مستقيماً، وفيه ميول إلى المعاصي، فإنه لا يطلق التهم والعيب على البناء، وإنما يوجه العيب على من بناه.
كذلك ابن آدم هو من مخلوقات الله جل وعلا، فهو الذي خلقه وأوجد فيه هذه الأمور، ولا يجوز الطعن على الناس في هذه الأمور، وإنما يطعن عليهم في أعمالهم التي يفعلونها باختيارهم وبإرادتهم ومقدراتهم، فلابد أن يحاسب الإنسان على عمله وفعله، فيطعن عليه بذلك أو يثنى، إما أن يمدح ويثنى عليه، أو يعاب عليه بعمله الذي يصدر منه، أما خلْقه فلا دخل له فيه، فهذا من الله جل وعلا.
وكذلك النسب: الأصل أن كل الناس أبناء رجل واحد، وهذا الرجل خلق من تراب كما أخبر الله جل وعلا، ومعلوم أنهم يتفاوتون بالأعمال، فمن كان عمله أحسن وأتقى لله فهذا هو الكريم عند الله جل وعلا، وإلا ففيهم المؤمن والكافر والشيطان وفيهم النبي، والإنس فيهم شياطين كثيرون، ففيهم دعاة جهنم الذين جندهم الشيطان للدعوة إلى أن يكونوا معه في جهنم، وفيهم ضيوف الرحمن الدعاة إلى الخير والإيمان، وإلى عبادة الله، وإلى الجنة إلى جواره جل وعلا، فالتفاوت بالأعمال فقط وليس بالخلْق؛ لأن الخلق إلى الله.