قال الشارح رحمه الله: [قوله: (باب ما جاء في التنجيم): قال شيخ الإسلام رحمه الله: التنجيم هو: الاستدلال بالأحوال الفلكية، على الحوادث الأرضية.
وقال الخطابي: علم النجوم المنهي عنه: ما يدعيه أهل التنجيم، من علم الكوائن والحوادث التي ستقع في مستقبل الزمان، كأوقات هبوب الرياح ومجيء المطر، وتغير الأسعار، وما في معناها من الأمور التي يزعمون أنها تدرك معرفتها بمسير الكواكب في مجاريها، واجتماعها وافتراقها، يدعون أن لها تأثيراً في السفليات، وهذا منهم تحكم على الغيب، وتعاطٍ لعلم قد استأثر الله به، ولا يعلم الغيب سواه].
قد يقع شيء مما يخبر به المنجم -مثل ما يحصل مع الكاهن- وليس معنى ذلك أنه يعرف شيئاً، ولكن صادف القدر فصار فتنة لمن صدق به، وإلا هو ضرب من التخمين، وقد علم الناس كذب المنجمين، فكم من الحوادث التي وقعت حكموا بأنها ستأتي على هيئة كذا وكذا، وجاء الواقع بخلاف ذلك، وهناك وقائع وحوادث مشهورة جداً، دلت على ما نقول، ذكرها المؤرخون، وكان المنجمون يجمعون على شيء، فيصبح كذبهم ظاهراً وواضحاً، ومع ذلك المؤمن لا يحتاج إلى مثل هذا؛ لأنه يعرف كذبه من أول وهلة، وأن النجوم لا دخل لها في الحوادث المستقبلة.
وقوله هنا: الأزمان المستقبلة، والحوادث المستقبلة، يقصد به: الشيء الذي سيقع ولو في اليوم، بخلاف الذي وقع فإنه قد علم، أما الذي لم يقع فهو من أمور الغيب، لا يعلمه إلا الله، والنجم ليس له دخل في ذلك.