للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[رحمة الرسول بالمؤمنين]

قال الشارح: [قوله: (حريص عليكم) أي: على هدايتكم، ووصول النفع الدنيوي والأخروي إليكم، وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: (تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يقلب جناحيه في الهواء إلا وهو يذكر لنا منه علماً) أخرجه الطبراني، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما بقي شيء يقرب من الجنة ويباعد من النار إلا وقد بينته لكم).

وقوله: (بالمؤمنين رؤوف رحيم) كما قال تعالى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ * وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ} [الشعراء:٢١٧].

وهكذا أمره تعالى في هذه الآية الكريمة وهي قوله: (فإن تولوا) أي: عما جئتهم به من الشريعة العظيمة المطهرة الكاملة {فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [التوبة:١٢٩]] هذا يدل على اختصاص رأفته ورحمته بالمؤمنين، أما الكافرون فهو لايرحمهم، بل هو شديد عليهم، كما قال الله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة:٧٣]، وقوله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح:٢٩]، بينهم رحماء، ولكن على الكفار أشداء، وهذا وصفه على ضوء أمر الله له، حينما قال له: {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة:٧٣]، فرأفته ورحمته خاصة بالمؤمنين صلوات الله وسلامه عليه.

[قلت: فاقتضت هذه الأوصاف التي وصف بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق أمته أن أنذرهم وحذرهم الشرك الذي هو أعظم الذنوب، وبين لهم ذرائعه الموصلة إليه، وأبلغ في نهيهم عنها، ومن ذلك تعظيم القبور والغلو فيها، والصلاة عندها وإليها ونحو ذلك مما يوصل إلى عبادتها كما تقدم وكما سيأتي في أحاديث الباب].

يعني أنه بين هذا ووضحه، ومن ذلك النهي عن الصلاة عند القبور.